ففيه الايمان بسواه وزيادة ، وفيه ما يستحكم عرى الايمان ، فكأنه (هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) لا سواه ، فهو هو الايمان الحق من ربهم لا سواه ، وهو النازل من ربهم حقا ، فالكافر بما نزل على محمد ، الناكر له ، إنه كافر أيا كان ، موحدا ام كتابيا أو مؤمنا بمحمد كافرا بما نزل عليه ، فما لم يؤمن بما نزل عليه وأصله قرآنه المتين فليس من المؤمنين ، ف (هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) : ما نزل على محمد والايمان به (١) : حق النزول وحق الايمان ، فما سواهما من النازل والايمان به ، كأنه في جنبه لا يحسب له حساب ، ولأنه في ضمنه فلا يستقل عنه.
ثم «وما نزل على محمد» منه الأصل كوحي الكتاب وهو الثقل الأكبر ، ومنه الفرع كوحي السنة وهو الثقل الأصغر ، يحملها صحيحا فيمن يحملون عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وقد نزل على محمد في وحي الكتاب : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٤ : ٨٠) وعشرات أمثالها ، ف «ما نزل» إذا يعم عامة الوحي : كتاب الله وسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وهؤلاء الأماجد : (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) التي كانت قبل الإيمان بالإيمان : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) (٨ : ٣٨) والتي تحصل بعد الايمان به وبالصالحات : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١١ : ١١٤) ثم (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) :
وإصلاح البال يشمل بال الحال أية حال : شأنا وقلبا وعقلا ولبا وعلما وايمانا ـ وعلى أية حال : دنيا وعقبى ، فيلقي على الروح ظلال الطمأنينة ، ومن إصلاح البال تكملة الايمان ، بما آمنوا وعملوا الصالحات ، وبالتوبة ، فاستزادة من حسنات وتكفير لسيئات ولحد تبديلها بحسنات : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٢٥ : ٧٠)
__________________
(١) «وَهُوَ الْحَقُّ» كما يعني النازل من ربهم ، كذلك الايمان بالنازل من ربهم فهما إذا معنيان.