والتأويل الثالث : أنّ الكيد ورد بمعنى الإرادة ، قاله الأخفش (١) وجماعة ، وهو قول أبي مسلم (٢) ، فهو (٣) كقوله : ((كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ)(٤) ومن أمثالهم المتداولة : لا أفعل ذلك ولا أكاد (٥).
أي : لا أريد أن (٦) أفعله (٧) ، وهذا) (٨) لا ينفع فيما قصدوه.
التأويل (٩) الرابع : أنّ خبرها محذوف ، تقديره : أكاد آتي بها لقربها (١٠) ، وأنشدوا (١١) قول ضابىء (١٢) البرجمي (١٣) :
٣٦٤٧ ـ همست ولم(١٤) أفعل وكدت (١٥) وليتني |
|
تركت على عثمان تبكي حلائله (١٦) |
أي : وكدت أفعل. فالوقف على «أكاد» والابتداء ب «أخفيها» ، واستحسنه أبو جعفر(١٧).
__________________
ـ «أَكادُ أُخْفِيها» حتى لا تظهر ألبتة ، ولكن ذلك لا يقع ، ولا بد من ظهورها.
انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ١٥ ـ ١٦.
(١) قال الأخفش : (وزعموا أن تفسير «أكاد» : أريد ، وأنها لغة لأن (أريد) قد تجعل مكان (أكاد) مثل : جدارا يريد أن ينقضّ [الكهف : ٧٧] أي : يكاد أن ينقض فكذلك (أكاد) إنما هي : أريد وقال الشاعر : (من الكامل)
كادت وكدت وتلك خير إرادة |
|
لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى) |
معاني القرآن ٢ / ٥٩٥ ، ٥٩٦.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(٣) في ب : وهو.
(٤) [يوسف : ٨٦].
(٥) لا يوجد في كتب الأمثال مثل بهذه الصيغة وفيها أمثال كثيرة تتصل بأيمانهم على عدم الفعل ، وما في معنى لا أفعل كذا أبدا. وأقرب الأمثال إلى هذه الصيغة : لا أفعل ذلك ما جبح ابن أتان. قاله ابن عدي ، يقال : جبح وجبخ بالحاء والخاء. وابن أتان : الجحش ، أي : لا أفعل كذا أبدا.
مجمع الأمثال للميداني ٣ / ١٧٣.
(٦) أن : زيادة يقتضيها السياق.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢. والبحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) التأويل : سقط من ب.
(١٠) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
(١١) في ب : وأنشد.
(١٢) في ب : صاحب. وهو تحريف.
(١٣) هو ضابىء بن الحارث بن أرطاة من بني غالب بن حنظلة التميمي البرجمي ، أدرك النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان يقنص الوحش. الخزانة ٩ / ٣٢٤ ـ ٣٢٧.
(١٤) في ب : لعممت لم. وهو تحريف.
(١٥) ف ب : وكبن. وهو تحريف.
(١٦) البيت من بحر الطويل قاله ضابىء البرجمي وهو في الكامل ٢ / ٤٩٦ ، ٥٠٣ ، إيضاح الشعر ٢٢٩ ، ٥٨٦ ، الشعر والشعراء ١ / ٣٥٨ ، الطبري ١٦ / ١١٥ ، القرطبي ١١ / ١٨٣ ، اللسان (قير) البحر المحيط ٦ / ٢٣٣ ، والخزانة ٩ / ٣٢٣.
والشاهد فيه حذف خبر (كاد) والتقدير : وكدت أفعل ، وخبر أفعال المقاربة يحذف إن علم.
(١٧) أي النحاس. فإنه قال : (معنى الضم أولى ، ويكون التقدير : إنّ السّاعة آتية أكاد آتي بها ، ودل (آتية) على (آتي بها) ، ثم قال جل وعز : «أخفيها» على الابتداء. وهذا معنى صحيح ، لأن الله جل وعز قد ـ