قال شهاب الدين : يعني (١) : أن هذا البيت صعب الإعراب ، وإذ (٢) قد ذكر ذلك فلنذكر ما ورد في هذا البيت من الروايات ، وما قاله (٣) الناس في ذلك على حسب ما يليق بهذا الموضوع (٤) ، فأقول وبالله الحول (٥) : روي هذا البيت بثلاث روايات كل واحدة لا تخلو (٦) من ضرورة. الأولى : (لم يدع) (٧) بفتح الياء والدال ، ونصب مسحت وفي هذه خمسة أوجه :
الأول : (٨) أن معنى (لم يدع من المال إلّا مسحتا) لم يبق إلا مسحت ، فلما كان هذا في قوة الفاعل عطف عليه قوله : (أو مجلّف) (٩) (بالرفع (١٠)) (١١) ، وبهذا البيت استشهد الزمخشري على قراءة أبيّ والأعمش «فشربوا منه إلا قليل» (١٢) (برفع قليل (١٣)) (١٤) وقد تقدم.
الثاني : أنه مرفوع بفعل مقدر دل عليه (لم يدع) والتقدير : أو بقي مجلّف (١٥).
الثالث : أن (مجلّف) (١٦) مبتدأ وخبره مضمر ، تقديره : أو مجلّف كذلك وهو تخريج الفراء.
__________________
(١) يعني : سقط من ب.
(٢) في ب : وإن.
(٣) في ب : وما قال.
(٤) في ب : الموضع.
(٥) في ب : الحول والقوة.
(٦) في ب : لا تخلوا.
(٧) في ب : الأول : يدع. وهو تحريف.
(٨) في ب : الأولى. وهو تحريف.
(٩) في ب : أو مختلف. وهو تحريف.
(١٠) هذا الوجه ذكره أبو علي في (إيضاح الشعر) قال : (فمن نصبه كان (يدع) من التّرك. و(مسحت) مفعول ، وحمل (مجلّف) بعده على المعنى ، لأن معنى (لم يدع من المال إلا مسحتا) تقديره : لم يبق من المال إلا مسحت ، فحمل (مجلف) على ذلك) إيضاح الشعر (٥٧٧) ونسبه إلى الخليل حيث قال بعد ذلك : (فكذلك قوله : (لم يدع من المال إلا مسحتا) معناه بقي مسحت ، قال أبو عمر : وهذا قول الخليل) إيضاح الشعر (٥٧٨ ـ ٥٧٩).
(١١) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٢) [البقرة : ٢٤٩].
(١٣) قال الزمخشري : (وقرأ أبيّ والأعمش «إلّا قليل» بالرفع ، وهذا من ميلهم من المعنى وإعراض عن اللفظ جانبا ، وهو باب جليل من علم العربية فلما كان معنى «فَشَرِبُوا مِنْهُ» في معنى فلم يطيعوه حمل عليه كأنه قيل : فلم يطيعوه إلّا قليل منهم ، ونحوه قول الفرزدق :
.......... لم يدع |
|
من المال إلّا مسحت أو مجلف |
كأنه قال : لم يبق من المال إلا مسحت أو مجلف) الكشاف ١ / ١٥٠. انظر اللباب ٢ / ٨٤ ـ ٨٥.
(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٥) وإليه ذهب ابن جني في المحتسب في سورة والضحى ٢ / ٣٦٥.
وقد ذكر ابن عصفور في شرح جمل الزجاجي هذا الوجه ، والوجه الذي بعده ، ثم قال بعدهما : (وكلاهما حسن) ٢ / ١٨٤.
(١٦) في ب : مخلف. وهو تصحيف.