الحرج المنفيّ بقوله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فيمن منعه عن الإقرار والأعمال لزوم قبله أو نحوه وأيضا لا بدّ من اعتبار نحو ذلك وإلّا يكون سابّ النبيّ مع التصديق المذكور مؤمنا ، مع أنه خلاف الإجماع ، وكذا غير ذلك ممّا يوجب الارتداد ، ويمكن اجتماعه مع التصديق المذكور ، والقول بكونه مؤمنا فيما بينه وبين الله مع كونه محكوما بالكفر بعيد.
ثمّ أصول الإيمان عند الإماميّة التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد ، وعند الأشعريّة ما عدا العدل والإمامة ، وعند المعتزلة التوحيد والعدل والنبوّة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوعد والوعيد ، وقالوا من لم يقرّ ببعض هذه لم يكن مسلما ، ومن أقرّ وفعل كبيرة لم يكن مؤمنا ولا كافرا بل هو منزلة بين المنزلتين.
والخشوع الخضوع والتذلّل (خاشِعُونَ) أي خاضعون متواضعون متذلّلون لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم ، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا وروي (١) أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال : أما إنّه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ، وفي هذا دلالة على أنّ الخشوع في الصلاة يكون بالقلب والجوارح : أمّا بالقلب فهو أن يفرّغ قلبه بجميع همّه بها والاعراض عمّا سواها ، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود ، وأما بالجوارح فبغضّ البصر ، والإقبال إليها ، وترك الالتفات والعبث ، قاله في مجمع البيان.
والظاهر أنّ المراد بغضّ البصر خفضه وترك التوجّه وطلب الأبصار به كما روى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : اخشع بصرك ولا ترفعه إلى السماء (٢) ولذلك
__________________
(١) رواه في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٢٥٣ الرقم ٢٣٥٠ وفي كتب أهل السنة الكشاف ج ٣ ص ١٥٧ وبين مصادره في الشاف الكاف ذيله وأخرجه في فيض القدير ج ٥ ص ٣١٩ الرقم ٧٤٤٧ من الجامع الصغير.
(٢) هذا جزء الحديث رواه في الكافي والفقيه والتهذيب انظر ص ١٨٧ ج ٢ جامع أحاديث الشيعة الرقم ١٧٥٥ و ١٧٥٦ ورواه صاحب المعالم في المنتقى من ص ٤٦٢ الى ص ٤٦٣ مع ذكر مواضع اختلاف ألفاظ الكتب الثلاثة واختلاف نسخها.