وجزالة لإرثهم لا يخفى على الناظر ، ومعنى الإرث ما مرّ في سورة مريم ، أنّث الفردوس علي تأويل الجنّة وهو البستان الواسع الجامع لأنواع الثمر.
وروي (١) أنّ الله عزوجل بنى جنّة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل خلالها المسك الأذفر وفي رواية لبنة من مسك ، وغرس فيها من جيّد الفاكهة وجيّد الريحان ، وقد قال في سورة مريم «نورث» استعارة أي نبقي على الوارث مال الموروث ولأنّ الأتقياء يلقون ربّهم يوم القيمة ، وقد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية ، وهي الجنّة ، وإذا أدخلهم الجنّة فقد أورثهم من تقواهم كما يورث الوارث المال من مال الموروث.
وقيل أورثوا من الجنّة المساكن الّتي كانت لأهل النار لو أطاعوا ، هذا.
ثمّ اعلم أنّ ظاهر العطف يقتضي أن يكون «أولئك» إشارة إلى المؤمنين الموصوفين بهذه الصفات ، ولو بعض ببعض ، لكن قد يتوهّم أنّ الظاهر شرعا أنّ الاتصاف بواحد منها غير كاف ، فلا بدّ من الحمل على إرادة الاتّصاف بالجميع ، وفيه نظر ، لأنّ الاتصاف بالجميع ، أيضا غير كاف ، إلّا بشرائط ، فلا مانع من الحمل على الظاهر ، واعتبار ما علم من الشرع اعتباره فليتأمّل.
بنى إسرائيل (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً. وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.)
معنى إقامة الصلاة تعديل أركانها ، وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها ، من أقام العود إذا قوّمه ، أو الدوام عليها والمحافظة ، كما قال عزّ وعلا (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ). (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) من قامت السوق إذا نفقت وأقامها ، قال :
__________________
(١) الكشاف ج ٣ ص ١٧٨ ولم يذكر في الشاف الكاف في ذيله تخريج الحديث ولم أظفر عليه في غيره.