تعالى قال (نافِلَةً لَكَ) ولم يقل عليك.
فان قيل : فما معنى التخصيص وهي زيادة في حق كافة المسلمين كما في حقه عليهالسلام قيل : التخصيص من حيث إنّ نوافل العباد كفّارة لذنوبهم ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر ، فكانت نوافله لا تعمل في كفارة الذنوب ، فتبقى له زيادة في رفع الدرجات.
ثمّ بإسناده عن المغيرة بن شعبة (١) قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى انتفخت قدماه ، فقيل له أتتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ فقال : أفلا أكون عبدا شكورا.
(مَقاماً مَحْمُوداً) نصب على الظرف إمّا بإضمار أي عسى أن يبعثك يوم القيمة فيقيمك مقاما محمودا ، أو بتضمّن يبعثك معنى يقيمك ، ويجوز أن يكون حالا بمعنى أن يبعثك ذا مقام محمود ، ومعنى المقام المحمود الذي يحمده القائم فيه ، وكلّ من رآه وعرفه ، وهو مطلق في كلّ ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات.
وقيل : المراد الشفاعة ، وهي نوع واحد ممّا يتناوله وعن ابن عباس مقاما يحمدك فيه الأوّلون والآخرون ، وتشرف فيه على جميع الخلائق : تسئل فتعطى ، وتشفع فتشفّع ، ليس أحد إلّا وهو تحت لوائك.
وعن أبي هريرة (٢) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي ، كذا في
__________________
(١) أخرجه الترمذي في باب الاجتهاد في الصلاة عن المغيرة بهذا اللفظ انظر تحفة الاحوذى ج ١ ص ٣١٨ مع شرحه الألفاظ المختلفة بطرق مختلفة أخرى ففي بعضها تورمت وفي بعض ترم بفتح المثناة وكسر الراء وفي بعضها تزلع بزاى وعين مهملة وفي بعض تفطر وفي بعض انشقت والمعنى واحد وانظر أيضا فتح الباري ج ٣ ص ٢٥٦ وص ٢٥٧ كتاب التهجد ففيه الألفاظ المختلفة بطرق مختلفة مع شرح كل.
(٢) الكشاف ج ٢ ص ٢٨٦ وفي الشاف الكاف تخريجه ومثله في الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٧ عن أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن ابى حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وانظر أيضا فتح القدير ج ٣ ص ٢٤٦ أخرجه عن أحمد والترمذي وابن جرير وابن ابى حاتم والبيهقي.