قوله (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) ظاهر أنّ فضل الله أعمّ من المال والعلم والثّواب وغيرها فيدخل فيه السّفر للتجارة وتحصيل المال ، ولتحصيل العلم والحجّ والزيارات ، وصلة الرّحم ونحوها ، وقد ورد من طرق العامّة والخاصّة روايات في الحثّ على التّجارة مذكورة في موضعها.
نقل عن ابن مسعود (١) أيّما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه ، كان عند الله بمنزلة الشّهداء ثمّ قرأ (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ) الآية.
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) المفروضة ، وقيل هو النّاسخ لهذا الترخيص النّاسخ للأوّل وفيه نظر. (وَآتُوا الزَّكاةَ) الواجبة ، وقيل زكاة الفطر لأنّه لم تكن زكاة بمكّة ، وإنّما وجبت بعد ذلك ، ومن فسّرها بالزّكاة الواجبة جعل آخر السّورة مدنيّا.
(وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) على وجه حسن معروف خال عن الأذى والمنّة والرّياء مثلا ، ويجوز أن يراد به سائر الصدقات ، وأن يراد أداء الزّكوة على أحسن وجه من أطيب المال وأعوده على الفقراء ، ومراعاة النيّة ، وابتغاء وجه الله ، والصّرف إلى المستحقّ ، وأن يراد كلّ شيء يفعل من الخير ممّا يتعلّق بالنّفس والمال ، وروى سماعة عنه عليهالسلام أنّ المراد به غير الزّكوة.
(وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً) ما موصولة تضمّن معنى الشّرط مبتدأ مع صلته ، و «تجدوه» خبره بمنزلة الجزاء ، والهاء مفعوله الأوّل ، و «عند» ظرفه «وخيرا» مفعوله الثّاني و «هو» فصل وجاز وإن لم يقع بين معرفتين ، لأنّ «أفعل من» أشبه المعرفة في امتناعه من حرف التعريف ، فالمعنى خيرا ممّا تؤخّرونه إلى وقت الوصيّة كما روي أنّ عنبسة العابد (٢) قال : قلت
__________________
(١) الكشاف ج ٤ ص ٦٤٣ وفي الكاف الشاف ذيله تخريجه ومثله في المجمع ج ٥ ص ٢٨٢ والدر المنثور ج ٦ ص ٢٨٠.
(٢) الكافي باب النوادر من الوصايا ج ٢ ص ٢٥٢ والتهذيب ج ٩ ص ٢٣٧ الرقم ٩٢٤ في الزيادات من أحكام الوصايا وهو في الوسائل الباب ٩٨ من أبواب أحكام الوصايا ج ١٣ ص ٤٨٣ المسلسل ٢٤٨٩٥.