أحكام الإسلام ، فيكون كلّ مسلم مأمورا به فليتأمّل فيه ، وقيل : في الآية إيماء إلى كون العبادة شكرا لنعمة التربية والإيجاد ، لذكر هذه الصّفة عقيب ذكر العبادة ، إشعارا بالعلّيّة وفيه نوع تأمّل.
نعم لا ريب في الإيماء إلى أنّ للصفة مدخلا في ما تقدم حتّى الاختصاص و (لا شَرِيكَ لَهُ) إمّا تأكيد للاختصاص المفهوم من «لله» فلا يكون داخلا في الصّفة ، أو هو منها أي لا شريك له في خلق العالمين وتربيتهم ، أو مطلقا بوجه من الوجوه وهو أقرب لفظا ومعنى.
ثمّ فيما قدّمنا من اختصاص الإخلاص المذكور بالأمر دون ما يخالفه وينافيه ـ إذا أشير بذلك إلى كون ما تقدّم أو جعله على الوجه المذكور ـ دلالة واضحة على توقّف صحّة الصّلاة بل سائر العبادات على الإخلاص المذكور ، وما تضمّنه من معرفة الله ووحدانيّته وكونه ربّا للعالمين أي منشأ ومربّيا لهم.
قيل : فيستلزم ذلك وجوب العلم بكونه قادرا وعالما وحكيما إذ الإخلاص يستلزم ذلك ، وهو موضع نظر ، فان استلزام ذلك وجوب العلم بما ذكره غير واضح ، نعم استلزامه للعلم به قريب.
ثمّ الإخلاص المذكور يستلزم المعرفة المذكورة وتوقّف العبادة عليها وعلى الإخلاص المذكور ، لكن قد يمنع ذلك لأنّ كلّ ما كان واجبا مأمورا في شيء بوجه لا يجب أن يبطل ذلك عند عدمه بالكلّية ، فلا يتمّ إلى أن ينضمّ إلى ذلك الإجماع أو نحوه ممّا يقتضي اشتراط الإخلاص في العبادة مطلقا بهذا الوجه ، وقد يقال : فاذا ثبت كون العبادة مأمورا بها على هذا الوجه ، فاذا لم يأت بها على الوجه الخاصّ لم يأت بالمأمور به فتكون باطلة.
وقد يجاب بأنّ ذلك إذا كان الأمر بالعبادة هو الذي تضمّن هذا الوجه ، لا أن يكون بأمر على حدة ، وهنا كذلك ، لكن تضمّن على ما قدّمناه ما يلزم منه أن لا يكون خلاف ذلك مأمورا به ، فاذا لم يكن كذلك كانت باطلة.
وقيل : يمكن الاستدلال بها على وجوب المعرفة وتوقّف الصّحة عليها للأمر