راكعا وأدركه حينئذ لم يكن مدركا لها ، لعدم الركوع مع الراكع ، بل بعده وفيه نظر : وقيل المراد الخضوع والانقياد لما يلزمهم في دين الله.
الحادية عشرة [البقرة : ٤٤] (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ.)
الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم ، والبرّ سعة الخير والمعروف ومنه البرّ لسعته ويتناول كلّ خير ، ومنه قولهم صدقت وبررت.
(وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ.)
تتركونها تاركة للبرّ كالمنسيات.
(وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ.)
الخطاب لعلماء اليهود وكانوا يقولون لأقربائهم من المسلمين : اثبتوا على ما أنتم عليه ، وهم لا يؤمنون ، أو يأمرون من نصحوه في السرّ من أقاربهم وغيرهم باتباع محمّد صلىاللهعليهوآله ولا يتّبعونه ، وقيل : كانوا يأمرون العرب بالايمان بمحمد صلىاللهعليهوآله إذا بعث فلما بعث كفروا به.
وروى عن ابن عباس انهم كانوا يأمرون اتباعهم بالتوراة وتركوا هم التمسّك به ، لأن جحدهم النبيّ صلىاللهعليهوآله وصفته ترك للتمسك به ، وعن قتادة كانوا يأمرون الناس بطاعة الله وهم يخالفونه ، وقيل : كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدّقون ، وإذا أتوا بصدقات ليفرّقوها خانوا فيها.
وروى انس بن مالك (١) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : مررت ليلة اسرى بي على أناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٩٨ وروح الجنان ج ١ ص ١٦٥ والقرطبي ج ١ ص ٣٦٥ والدر المنثور ج ١ ص ٦٤ وفيه واخرج وكيع وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبزار وابن ابى داود في البعث وابن المنذر وابن أبى حاتم وابن حبان وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن انس.