أى إنّ في إيجادهما بما فيهما من العجائب والبدائع ، وفي اختلاف الليل والنهار باعتبار الخواصّ والأحوال ، بل اختلاف كلّ بنفسه باعتبار الطول والقصر ، والحرارة والبرودة والشدة والضعف في ذلك ، والتفاوت بين أجزائه وأحوالها ، لأدلّة واضحة على وجود الصانع وكمال علمه وعظيم قدرته وباهر حكمته وغير ذلك من صفاته العلي الثبوتيّة والسلبيّة لذوي البصائر والعقول.
اللب العقل (١) سمّي به لأنه خير ما في الإنسان ، واللبّ من كلّ شيء خيره وخالصة ، وفي ذلك ترغيب في علم الكلام والهيئة ، بل النجوم على بعض الوجوه.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ.)
أي مضطجعين ، و «الذين» في محلّ الجرّ بأنه صفة أو عطف بيان لاولي ، وقيل أو تأكيد له ، ويمكن كونه مرفوعا أو منصوبا على المدح ، وهو إشارة إلى أن «اولي الألباب» هم الّذين يذكرون الله دائما وعلى كل حال.
في المجمع : لان أحوال المكلّفين لا تخلو من هذه الثلاثة ، وقد أمروا بذكر الله في جميعها.
وفي الكشاف ذكرا دائبا على أيّ حال كانوا من قيام أو قعود أو اضطجاع لا ـ يخلون بالذكر في غالب أحوالهم.
وعلي التقديرين كانّ فيه إشعارا بأن من لم يكن ذاكرا لله كذلك كأنه خال عن اللبّ والعقل ، فكيف من كان غافلا في غالب الأحوال ، وفي ذلك من الترغيب في ذكر الله على جميع الأحوال ما لا يخفى ، كما في الحديث القدسيّ إنّ ذكري حسن على كلّ حال.
وقيل معناه يصلّون في هذه الأحوال على حسب استطاعتهم فالصحيح يصلّي
__________________
(١) قال في المقاييس ج ٥ ص ١٩٩ اللام والباء أصل صحيح يدل على لزوم وثبات وخلوص وجودة فالأول ألب بالمكان الى ان قال والمعنى الآخر اللب معروف من كل شيء وهو خالصة وما ينتقى منه ولذلك سمى العقل لبا ورجل لبيب اى عاقل وقد لب يلب وخالص كل شيء لبابه انتهى ما أردنا نقله.