(وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) توحيد الضمير مؤنثا إما لأنّ كل واحد منهما جملة واحدة ، وعدة كثيرة ، فالمجموع كذلك ، أو لأنها للكنوز والأموال المدلولة أو للفضّة اقتصارا بها لقربها ، وفهم حكم الذهب بالطريق الأولى أو هو كقوله «فانّى وقيّار بها لغريب» (١) أي وقيار كذلك.
وقيل إنّ الذهب جمع واحده ذهبة (٢) فهو مؤنث ، وإن كان الجمع الذي ليس بينه وبين واحدة إلّا الهاء يذكر ويؤنث ، فلما اجتمعا في التأنيث وجعلا كالشيء الواحد ردّ الضمير إليهما بلفظ التأنيث ، وقد يكتفي بتأنيث الفضة أيضا إذا جمعا فتأمل.
(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي فيقال فيهم ذلك وفي الكشاف : يجوز أن يكون الذين يكنزون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان ، للدلالة على خصلتين مذمومتين فيهم أخذ البراطيل وكنز الأموال والضّنّ بها عن الإنفاق في سبيل الخير ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين ، ويقرن بينهم وبين المرتشين من
__________________
(١) البيت لضابئ بن الحرث البرجمي قاله حين حبسه عثمان لما هجا بنى نهشل وصدره «ومن يك أمسى بالمدينة رحله» أنشده في الكشاف عند تفسير الآية ج ٢ ص ٢٦٨ وج ١ ص ٦٢٩ عند تفسير الآية ٣٦ من سورة المائدة والسر في توحيد الضمير في ليفتدوا به. وقيار اسم فرسه وقيل جمله وقيل غلامه.
والبيت من شواهد سيبويه ج ١ ص ٣٨ وأنشده ابن الأنباري ص ٩٤ الشاهد بالرقم ٤٦ في المسئلة ١٣ من مسائل الخلاف والاشمونى بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ج ١ ص ٥٠١ الشاهد بالرقم ٢٧٤ والكامل للمبرد ط مصطفى البابى الحلبي ص ٢٧٦.
وكلام أهل الأدب في إفراد كلمة لغريب طويل من شاء فليراجع المصادر التي سردناها وكذا المغني في العطف على المحل من الباب الرابع وفيما إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولا أو ثانيا من الباب الخامس.
(٢) وهذا القسم من الكلمة مما تضمن معنى الجمع دالا على الجنس وله مفرد مميز عنه بالتاء أو ياء النسبة كتفاح وسفرجل وبطيخ وتمر وحنظل ومفردها تفاحة وسفرجلة وبطيخة وتمره وحنظلة ومثل عرب وترك وروم ويهود ومفردها عربي وتركي ورومي ويهودي يسمى في اصطلاح أهل الأدب باسم الجنس الجمعى وبذلك يظهر معنى قول السيوطي في شرح الألفية : ثم الكلم على الصحيح اسم جنس جمعى.