الجمع أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا خذوا أجوركم ممّن عملتم له ، فانّى لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا وأهلها.
وعن أبى عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أسدى إلى مؤمن معروفا ثمّ آذاه بالكلام أو منّ عليه ، فقد أبطل الله صدقته ، ثمّ ضرب فيه مثلا كالّذي ينفق ماله رئاء الناس إلى قوله (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) إلى الثواب أو الجنّة أو الخير والرشاد ، وفيه تعريض بأنّ الرياء من صفات الكفار وأنّ المنّ والأذى كذلك ويجب على المؤمن أن يتجنّب عنها ويراعى الإخلاص في الإنفاق بل في سائر الأعمال.
(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) أي رضاه ، فهو إمّا مصدر ميميّ أو اسم المصدر ، وابتغاء نصب على المفعول له كما قيل ، ويحتمل الحال وكذا ما عطف عليه أي (وَتَثْبِيتاً) لهم (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) على الايمان ومقتضاه أو على الخير والرشاد أو على الإنفاق فكأنها برسوخها وقوّة اليقين والبصيرة في الدين ورغبتها تثبتهم عليه ، أو بموافقتها لهم ومتابعتها إيّاهم في إنفاق الأموال تثبّتهم على الإنفاق ، أو على أحد الأوّلين ، فان بتحامل التكليفات وتكلّف ما يصعب من مشاقّ العبادات يقلّ الطمع في الشهوات ، ويتعوّد بالخيرات ، ويشتدّ الرغبة في السعادات ، فكان في ذلك تثبيت.
وفيه تنبيه على أنّ من حكمة الإنفاق للمنفق تزكية نفسه عن البخل وحبّ المال ، بل عن الرياء والمنّ والأذى أيضا أو تصديقا للإسلام وتحقيقا للجزاء من أصل أنفسهم ، فإنّه إذا أنفق المسلم ماله في سبيل الله علم أنّ تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ، وإخلاص قلبه.
أو (وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) عند المؤمنين إنّها صادقة الايمان مخلصة فيه ، ويعضده قراءة مجاهد : «وتبيينا من أنفسهم» ويستفاد حينئذ رجحان الإعلان ، فيخصّ بالواجب للروايات ، أو وتبيينا من أنفسهم عندهم ، لاتّهامهم أنفسهم وعدّهم إيّاها مقصّرة ، وعن الحسن ومجاهد تثبيتا من أنفسهم أين يضعون.
و «من» على الوجوه ابتدائيّة ، ويحتمل التبعيض على معنى تثبيتا بعض أنفسهم