وجعل الفاعل ضمير الرسول أو من يحسب ، ومن جعله الموصول كان المفعول الأوّل عنده محذوفا لدلالة يبخلون عليه ، وهو ينافي ما قيل من عدم جواز حذف أحد مفعولي باب حسبت ، فكأنه محمول على الغالب ، أو على الحذف منسيا. و «هو» فصل ، وقرأ الأعمش بغير هو.
(بَلْ هُوَ) أي البخل وهو منع ما أوجبه الله (شَرٌّ لَهُمْ) لاستجلاب العقاب عليهم بيانه (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أى سيلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق (١) وقيل يجعل ما بخل من المال طوقا في عنقه ، والآية نزلت في مانعي الزكاة وهو المروي عن أبى جعفر عليهالسلام وهو قول ابن مسعود وابن عباس والسدّي ، وقيل : يجعل في عنقه يوم القيمة طوق من نار عن النخعيّ ، وقيل يكلّفون يوم القيمة أن يأتوا بما بخلوا من أموالهم عن مجاهد كذا في المجمع.
وفي الكشّاف : قيل يجعل ما بخل به من الزكاة حيّة يطوّقها في عنقه يوم القيمة تنهشه من قرنه إلى قدمه وتنقر رأسه ، ويقول أنا مالك. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله في مانع الزكاة يطوّق بشجاع أقرع وروى بشجاع أسود (٢) وفي رواياتنا قريب من
__________________
ج ١ ص ٣٨٠ وص ٣٨١ وص ٣٨٥ وص ٣٨٦ ط إيران وفتح القدير للشوكانى ج ١ ص ٣٦٩ وص ٣٧٠ وص ٣٧٤ والخازن ج ١ ص ٣٠١ وص ٣٠٣ وص ٣٠٧ والنسفي بهامش الخازن وتفسير الإمام الرازي ج ٩ ص ١٠٩ وص ١١٢ وص ١٣١.
(١) ولعل هذا المعنى هو الأنسب وهو نظير «وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ» والبخل باللغات الأربع كقفل وعنق ونجم وجبل ان يمنع الإنسان الحق الواجب عليه وعليه فيشمل مانع الزكاة لأنها الحق الواجب وكاتم العلم كما سيشير اليه المصنف. وورد في تفاسير أهل السنة كالقرطبي وابن جرير وغيره عن ابن عباس انها نزلت في اليهود وبخلهم ببيان ما علموه من أمر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيشير المصنف نقلا عن زبدة البيان إلى دلالة الاية على وجوب بذل العلم.
(٢) انظر الدر المنثور ج ٢ ص ١٠٥ وفتح الباري ج ٤ ص ١١ ونيل الأوطار ج ٤ ص ١٢٥ وص ١٢٦ والقرطبي ج ٤ ص ٢٩١ ترى الحديث بهذا المضمون بألفاظ مختلفة كثيرة. قال في الفتح والمراد بالشجاع وهو بضم المعجمة ثم جيم الحية الذكر وفيه ان الأقرع الذي تقرع