خصوص الغسل الخفيف ، ثمّ لو صحّ فلا يصحّ في الآية ، فإنّه على هذا التوجيه مقابل للغسل الخفيف ، فان الإسراف في ماء الوضوء ممنوع مطلقا.
ثمّ لا ريب أنّ إرادة غسل مثل غسل الوجه واليدين على وجه لا إسراف فيه مع ذلك إلغاز وتعمية غير جائز في القرآن سيّما مع عدم القرينة على شيء من ذلك لا صارفة ولا معيّنة ولا علاقة مصحّحة ، أما قوله (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فالحقّ أنّه يقتضي خلاف ما ذكره ، لتكون الفقرتان على أبلغ النظم وأحسن النسق من التقابل والتعادل لفظا ومعنى ، كما هو المنقول عن أهل البيت (١) عليهمالسلام فأين هذا من التنبيه على ما قال.
ثمّ لا يخفى أنّ المراد لو كان هذا المعنى ، لنقل عنه عليهالسلام بيانا لكونه ممّا يعمّ به ، ولا استدلّ به على عدم الإسراف ، وليس شيء من ذلك ، بل هذا توجيه لم يذكره الصدر الأوّل ولا الثاني ، ولم ينقل عنهم ، وأيضا فإنّ هذا إنّما يتصوّر بأن يراد بقوله (وَامْسَحُوا) حقيقة المسح بالنسبة إلى الرؤس ، ومثل هذا المجاز بالنسبة إلى الأرجل ، ولا ريب أنه أبعد من إرادة معنيي الوجوب والندب في الأمر ، وقد قال في
__________________
(١) روى زرارة في الصحيح عن أبى جعفر عليهالسلام قال : ألا تخبرني من أين علمت وقلت ان المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك عليهالسلام ثم قال : يا زرارة قال رسول الله ونزل به الكتاب من الله لان الله يقول «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ» فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال «وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ».
ثم فصل بين الكلامين فقال (امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال (بِرُؤُسِكُمْ) أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه ، فقال (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح ببعضهما ، ثم سن ذلك رسول الله للناس فضيعوه ، منه قدسسره. أقول : انظر جامع أحاديث الشيعة ج ١ ص ١١١ الحديث بالرقم المسلسل ٩٥٥ والتهذيب ج ١ ص ٦١ الرقم ١٦٨ والاستبصار ج ١ ص ٦٢ الرقم ١٨٦ والفقيه ج ١ ص ٥٦ الرقم ٢١٢ والكافي ج ١ ص ١٠ باب مسح الرأس والقدمين وهو في المرات ج ٣ ص ١٩ وعلل الشرائع ج ١ ص ٢٦٤ الباب ١٩٠ ط قم والعياشي ج ١ ص ٢٩٩ والبحار ج ١٨ ص ٦٦ وص ٧٠ والبرهان ج ١ ص ٤٥٢ والوسائل الباب ٢٣ من أبواب الوضوء الحديث ١ ج ١ ص ٥٥ ط الأميري وهو في ط الإسلامية ج ٢ ص ٢٩٠ الرقم المسلسل ١٠٧٣ والوافي الجزء الرابع ص ٤٤ وهو في المنتقى ج ١ ص ١٢٥ وص ٢٧٣.