الأنفال (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ)(١).
كأنّ المراد بتطهير الله إيّاهم توفيقهم للطهارة ، وقيل : الحكم به بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر ، و (لِيُطَهِّرَكُمْ) إما إشارة إلى إزالة الخبث (وَيُذْهِبَ) إمّا إلى إزالة الحدث ، أو إلى نوع منه ، أو منهما ، والأوّل إلى الكلّ ، غير ذلك أو مع ذلك فيكون الثاني تصريحا بما علم ضمنا أو الأمر على عكس الأوّل (٢) أو الأوّل إشارة إلى الكلّ كملا ، والثاني إلى رفع الوسوسة ، وعلى كلّ حال دلالتها على أنّ الماء طاهر مطهّر يتطهّر به من الأحداث والأخباث ظاهرة. [خصوصا على مقتضى سبب النزول كما يأتي.
أما الاستدلال على نفى إفادة غير الماء الطهارة لا من الحدث ولا من الخبث بدلالتها على الامتنان بإنزال الماء لتطهيرهم ، فلا يكون غير الماء مفيدا ذلك ، وإلا لكان ذكر الأعمّ أولى.
ففيه أن ذكر الماء ربّما كان تنصيصا للواقع ، مع كون الماء أقوى في هذا المعنى وأظهروا عمّ نفعا وأكثر. بل لم يكن يستجمع تلك الفوائد المقصودة المهمة إلّا الماء ، بل إنّما كان مطلوبهم خصوص الماء كما لا يخفى. وأيضا لو سلّم المفهوم حينئذ فغاية ما يلزم منه أن لا يكون غير الماء مطهرا مطلقا فتدبر].
وفي الكشّاف : رجز الشيطان وسوسته إليهم (٣) وتخويفه إيّاهم من العطش ، وقيل الجنابة لأنّها من تخييله ، وقرئ «رجس الشيطان» وذلك أنّ إبليس تمثّل
__________________
(١) الأنفال : ١١.
(٢) يعنى أن يذهب إشارة إلى إزالة الخبث وليطهر إشارة إلى إزالة الحدث.
(٣) انظر الكشاف ج ٢ ص ٢٠٣ وفي فقه اللسان لكرامت حسين من ص ٢٨٥ الى ص ٢٩١ ج ١ ما حاصله ان الوجس مصدر يحكى الصوت الخفي مثل الرجس والرجس القذر من ذلك الصوت الخفي الحادث للمستقذر وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر والنجس مصدر فرعى مشتق من رجس صار أصلا في النجاسة بعد كونه حاكيا لصوت يسمع عند الاستقذار والرجز مصدر فرعى من رجس بمعنى الصوت الخفي من المستقذر ثم أطلق على القبيح شركا كان أو عبادة الأوثان ورجز الشيطان وساوسه.