الأوثان ، والعذاب ، والشرك فلا يبعد كونه بمعنى القذر كما وقع في بعض استدلالات الأصحاب ، واحتمله جماعة ، وهو مناسب لتكبير الصلاة وتطهير الثياب ، قيل : فيكون تأكيدا لقوله (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) وتفسيرا وهو محتمل ، والتأسيس خير ، واختصاصه بطهارة البدن ممكن ، وكذا التعميم بعد التخصيص وغير ذلك فتأمل.
البقرة (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
أي اختبره ربّه بأوامر ونواه ، واختبار الله عبده مجاز عن تمكينه من اختياره ما يريد الله ومشتهى نفسه ، كأنه يمتحنه ما يكون منه حتّى يجازيه على حسب ذلك وعن ابن عباس رفع إبراهيم ونصب ربّه ، والمعنى أنّه دعاه بكلمات من الدعاء شبه المختبر يجيبه إليهنّ أولا؟
والمستكن في (فَأَتَمَّهُنَّ) على الاولى لإبراهيم أي فقام بهنّ حقّ القيام وأدّاهنّ أحسن التأدية ، وعلى الأخرى لله أي فأعطاه ما طلبه لم ينقص منه شيئا ويعضده ما روي عن مقاتل أنّه فسّر الكلمات بما سأل إبراهيم ربّه في قوله (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ، وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ، وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً ، رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا).
والفاء للتعقيب وعامل «إذ» أمّا «قال» فالمجموع جملة معطوفة على ما قبلها وإمّا مضمر نحو واذكر كما هو المشهور ، أو وإذ ابتلاه كان كيت ، فموقع قال استيناف ، كأنّه قيل فما ذا قال ربّه حين أتمّ الكلمات؟ فقيل : قال إلخ ويجوز أن يكون بيانا لقوله : ابتلى ، وتفسيرا له.
ففي الكشاف والبيضاوي فيراد بالكلمات ما ذكره من الإمامة ، وتطهير البيت ورفع قواعده ، والإسلام قبل ذلك في قوله (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) وفيه نظر ، وقيل هي السنن الحنيفية العشر (١) : خمس في الرأس : الفرق ، وقصّ الشارب ، والسواك ، والمضمضة ، والاستنشاق ، وخمس في البدن : الختان ، وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ونتف الإبطين ، والاستنجاء بالماء.
__________________
(١) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ٥٥ في وهن هذا التفسير.