إما الإمامة فالظاهر أنّه لا يتحقق إلّا أن يكون الغير مأمورا بالايتمام به ، ومن هنا جاء «أنّ مرتبة الإمامة أجلّ من مرتبة النبوّة إنّ الله سبحانه ابتلى إبراهيم بعد نبوّته للإمامة ، ثمّ منّ عليه بها».
إذا عرفت ذلك ففي البيضاوي أنّ قوله سبحانه (لا يَنالُ) إلخ إجابة إلى ملتمسه وتنبيه على أنّه قد يكون من ذرّيته ظلمة ، وأنهم لا ينالون الإمامة ، لأنّها أمانة من الله وعهد ، والظالم لا يصلح لها ، وإنّما ينالها البررة الأتقياء منهم ، وفيه دليل على عصمة الأنبياء من الكبائر قبل البعثة ، وأنّ الفاسق لا يصلح للإمامة انتهى.
وفيه أبحاث :
الف ـ انّ قوله «وإنّما ينالها البررة الأتقياء منهم» ينافي تخصيص عصمة الأنبياء بكونها من الكبائر ، لأنّ فاعل الصغيرة أيضا لا يعدّ برا تقيا ، كيف وأيسر ما قيل في التقوى أنه «أن لا تجدك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك».
ب ـ إنّ وجه الدلالة على العصمة كون الظالم بمعنى من وقع منه ظلم ، ولو من قبل ، ومن هنا يقال كان الاولى أن يقول قبل البعثة أيضا لكن الظاهر أنّ هذا منه لعدم اعتباره خلاف من أجاز الكبيرة حين النبوّة ، وذلك على تقدير عدم اعتبار بقاء المعنى المشتقّ منه فيه كما هو الحقّ واضح ؛ إلّا أنه خلاف ما ذهب إليه الأشاعرة.
ويمكن أن يقال إنّ الحقيقة ليست بمرادة على كلّ حال ، لانّ الخطاب لإبراهيم بالنسبة إلى ذرّيّته حتى الّذين لم يوجدوا بعد ، فلا بدّ أن يراد من كان يتّصف بظلم في الجملة ، وفيه نظر ، على أنّ اللازم حينئذ كونهم معصومين من أوّل عمرهم إلى الآخر على زعمه أيضا ، وهو خلاف مذهب الأشاعرة ، بل خلاف معتقده أيضا لوقوع الكفر ممّن يعتقد إمامته ، إلّا أن يخصّ الآية بالنبوّة وهو بعيد جدا فان العهد فيها كما عرفت إن لم يكن يخصّ الإمامة فلا بدّ أن يعمّها البتة ، لأنّ الكلام فيها.
أو يقال : إنّ الخلافة والإمامة لأئمتّهم ليست من الله ولا بعد البيعة لهم لأنّهم لا يصلحون لذلك كما هو ظاهر الآية ، وصريح قوله «والظالم لا يصلح لها» كيف و