«من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» (١) وهو يقتضي مزيد الاهتمام بها ، ولأنها تقع في حال اشتغال الناس بمعاشهم ، فيكون الاشتغال بها أشقّ فيكون أفضل.
وقيل : المغرب لأنّها تأتي بين بياض النهار وسواد الليل ، ولأنّها أزيد من ركعتين وأقلّ من أربع فهو متوسّطة بين رباعيّ وثنائي ، ولأنّها لا تتغيّر فلا تنقص في السفر مع زيادته على الركعتين فيناسب تأكيد الأمر بالمحافظة عليها ، ولانّ الظهر هي الأولى إذ قد وجبت أولا فيكون المغرب هي الوسطى.
وقيل : العشاء لأنّها متوسطة بين صلاتين لا يقصران : الصبح والمغرب ، أو بين ليليّة ونهاريّة ، ولأنّها أثقل صلاة على المنافقين.
وقيل هي مخفيّة مثل ليلة القدر ، وساعة الإجابة ، واسم الله الأعظم ، لئلّا يتطرّق التساهل إلى غيرها ، بل تحصل غاية الاهتمام بكل منها فيدرك كمال الفضل في الكلّ ، قيل فهي تدلّ على جواز العمل المعيّن لوقت من غير جزم بوجوده ، مثل
__________________
(١) رواه في المجمع ج ١ ص ٣٤٣ وروى بريدة قال قال النبي (ص) بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله ، ومثله مع يسير تفاوت في الألفاظ في تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٩٢ عن بريدة بن الحصيب ومثله في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٩ عن ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن بريدة عن النبي (ص) ومثله في المضمون مع قريب تفاوت في الألفاظ بطرق أخر ومثله في كنز العمال ج ٨ ص ٢٨ الرقم ١٧١ والخازن ج ١ ص ١٦٦ ومثله في فيض القدير ج ٣ ص ٢٠٦ الرقم ٣١٥٨ عن أحمد وابن ماجة وابن حبان عن بريدة.
قال المناوى وظاهر صنيع المصنف أن ذا ليس في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول عجيب مع كونه كما قال الديلمي وغيره في البخاري عن بريدة.
قلت وهو في البخاري كتاب المواقيت باب من ترك العصر عن أبى المليح قال كنا مع بريدة في يوم ذي غيم فقال بكروا بصلاة العصر فإن النبي (ص) قال من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله وهو في ص ١٧١ ج ٢ فتح الباري.
قلت ظاهر كلمات رواة الحديث ان بكروا من كلام النبي مع ان المستفاد من رواية البخاري انه من كلام بريدة وهذا هو الذي يوجب علينا التحقيق والتنقيب ومراجعة أصل المصدر وعدم الاعتماد بنقل الناقلين.