(فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ورواه أحمد وغيره.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٤٩)
يقول الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم قل لهؤلاء المكذبين المعاندين (أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) أي سلبكم إياها كما أعطاكموها. كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) [الملك : ٣٣] الآية ، ويحتمل أن يكون هذا عبارة عن منع الانتفاع بهما ، الانتفاع الشرعي ، ولهذا قال (وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) كما قال (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) [يونس : ٣١] وقال (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال : ٢٤] وقوله (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) أي هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك إليكم ، إذا سلبه الله منكم لا يقدر على ذلك أحد سواه ، ولهذا قال (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) أي نبينها ونوضحها ونفسرها ، دالة على أنه لا إله إلا الله ، وأن ما يعبدون من دونه باطل وضلال ، (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) أي ثم هم مع هذا البيان ، يصدفون أي يعرضون عن الحق ، ويصدون الناس عن اتباعه ، قال العوفي عن ابن عباس : يصدفون أي يعدلون ، وقال مجاهد وقتادة : يعرضون ، وقال السدي : يصدون (١).
وقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً) أي وأنتم لا تشعرون به ، حتى بغتكم وفجأكم ، (أَوْ جَهْرَةً) أي ظاهرا عيانا ، (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) أي إنما كان يحيط بالظالمين أنفسهم بالشرك بالله ، وينجوا الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له ، (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، كقوله (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) الآية ، وقوله (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) أي مبشرين عباد الله المؤمنين بالخيرات ، ومنذرين من كفر بالله النقمات والعقوبات ، ولهذا قال (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ) أي فمن آمن قلبه بما جاءوا به ، وأصلح عمله باتباعه إياهم ، (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) أي بالنسبة لما يستقبلونه (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي بالنسبة إلى ما فاتهم وتركوه وراء ظهورهم من أمر الدنيا وصنيعها ، الله وليهم فيما خلفوه ، وحافظهم فيما تركوه ، ثم قال (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي ينالهم العذاب ، بما كفروا بما جاءت به الرسل ، وخرجوا عن أوامر الله وطاعته ، وارتكبوا من مناهيه ومحارمه وانتهاك حرماته.
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ
__________________
(١) الآثار عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي في تفسير الطبري ٥ / ١٩٥.