وقد قال الإمام أحمد (١) : حدثنا وكيع ، حدثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما مر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بوادي عسفان حين حج قال «يا أبا بكر أي راد هذا؟» قال هذا وادي عسفان ، قال «لقد مر به هود وصالح عليهماالسلام على بكرات خطمهن الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار ، يلبون يحجون البيت العتيق» هذا حديث غريب من هذا الوجه لم يخرجه أحد منهم.
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (٨١)
يقول تعالى (وَ) لقد أرسلنا (لُوطاً) أو تقديره واذكر لوطا (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) ولوط هو ابن هاران بن آزر وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهماالسلام ، وكان قد آمن مع إبراهيم عليهالسلام وهاجر معه إلى أرض الشام فبعثه الله إلى أهل سدوم وما حولها من القرى ، يدعوهم إلى الله عزوجل ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم ، وهو إتيان الذكور دون الإناث ، وهذا شيء لم يكن بنو آدم تعهده ولا تألفه ولا يخطر ببالهم ، حتى صنع ذلك أهل سدوم عليهم لعائن الله.
قال عمرو بن دينار في قوله (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) قال : ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط (٢) ، وقال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي باني جامع دمشق : لو لا أن الله عزوجل قص علينا خبر قوم ولوط ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا ، ولهذا قال لهم لوط عليهالسلام (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) أي عدلتم عن النساء وما خلق لكم ربكم منهن إلى الرجال وهذا إسراف منكم وجهل لأنه وضع الشيء في غير محله ، ولهذا قال لهم في الآية الأخرى (هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) [الحجر : ٧١] فأرشدهم إلى نسائهم فاعتذروا إليه بأنهم لا يشتهونهن ، (قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) [هود : ٧٩] أي لقد علمت أنه لا أرب لنا في النساء ولا إرادة ، وإنك لتعلم مرادنا من أضيافك ، وذكر المفسرون أن الرجال كانوا قد استغنى بعضهم ببعض وكذلك نساؤهم كن قد استغنين بعضهن ببعض أيضا.
(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (٨٢)
__________________
(١) المسند ١ / ٢٣٤.
(٢) انظر تفسير الطبري ٥ / ٥٤٠.