وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «يرحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه عزوجل أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح».
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٥٣)
أما الغضب الذي نال بني إسرائيل في عبادة العجل فهو أن الله تعالى : لم يقبل لهم توبة حتى قتل بعضهم بعضا ، كما تقدم في سورة البقرة (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة : ٥٤] وأما الذلة فأعقبهم ذلك ذلا وصغارا في الحياة الدنيا.
وقوله (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) نائلة لكل من افترى بدعة فإن ذل البدعة ومخالفة الرشاد متصلة من قلبه على كتفيه ، كما قال الحسن البصري : إن ذل البدعة على أكتافهم وإن هملجت (١) بهم البغلات وطقطقت (٢) بهم البراذين : وهكذا روى أيوب السختياني عن أبي قلابة الجرمي أنه قرأ هذه الآية (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) فقال : هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة (٣) ، وقال سفيان بن عيينة : كل صاحب بدعة ذليل (٤).
ثم نبه تعالى عباده وأرشدهم إلى أنه يقبل توبة عباده من أي ذنب كان حتى ولو كان من كفر أو شرك أو نفاق أو شقاق ، ولهذا عقب هذه القصة بقوله (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ) أي : يا محمد يا رسول التوبة ونبي الرحمة (مِنْ بَعْدِها) أي من بعد تلك الفعلة (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان حدثنا قتادة عن عزرة عن الحسن العرني عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عن ذلك يعني عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها فتلا هذه الآية (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) فتلاها عبد الله عشر مرات فلم يأمرهم بها ولم ينههم عنها.
__________________
(١) الهملجة : حسن سير الدابة في سرعة.
(٢) الطقطقة : صوت قوائم الخيل على الأرض الصلبة.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦ / ٧١.
(٤) تفسير الطبري ٦ / ٧٢.