التقوى خشية الله ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ولباس التقوى يتقي الله فيواري عورته فذاك لباس التقوى ، وكلها متقاربة.
ويؤيد ذلك الحديث الذي رواه ابن جرير (١) حيث قال : حدثني المثنى حدثنا إسحاق بن الحجاج ، حدثني إسحاق بن إسماعيل عن سليمان بن أرقم عن الحسن ، قال : رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه على منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليه قميص فوهي محلول الزر ، وسمعته يأمر بقتل الكلاب وينهى عن اللعب بالحمام ، ثم قال : يا أيها الناس اتقوا الله في هذه السرائر ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «والذي نفس محمد بيده ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر» ثم قرأ هذه الآية (وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) قال : السمت الحسن ، هكذا رواه ابن جرير من رواية سليمان بن أرقم ، وفيه ضعف.
وقد روى الأئمة الشافعي وأحمد والبخاري في كتاب الأدب من طرق صحيحة عن الحسن البصري ، أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام يوم الجمعة على المنبر (٢) ، وأما المرفوع منه فقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير له شاهدا من وجه آخر حيث قال حدثنا (٣) (....).
(يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧)
يحذر تعالى بني آدم من إبليس وقبيله ، مبينا لهم عداوته القديمة لأبي البشر آدم عليهالسلام ، في سعيه في إخراجه من الجنة التي هي دار النعيم إلى دار التعب والعناء ، والتسبب في هتك عورته بعد ما كانت مستورة عنه ، وما هذا إلا عن عداوة أكيدة ، وهذا كقوله تعالى : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) [الكهف : ٥٠]
(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٠)
قال مجاهد : كان المشركون يطوفون بالبيت عراة يقولون نطوف كما ولدتنا أمهاتنا فتضع
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٤٥٩.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٧٢.
(٣) بياض بالأصل.