تلك الجواد انتهت به إلى النار ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة ، ثم قرأ ابن مسعود (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) الآية.
وقال ابن مردويه : حدثنا أبو عمرو ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، حدثنا آدم ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا أبان بن عياش عن مسلم بن عمران عن عبد الله بن عمر ، سأل عبد الله عن الصراط المستقيم فقال ابن مسعود : تركنا محمد صلىاللهعليهوسلم في أدناه وطرفه في الجنة ، وذكر تمام الحديث كما تقدم والله أعلم.
وقد روي من حديث النواس بن سمعان نحوه ، قال الإمام أحمد : حدثني الحسن بن سوار أبو العلاء ، حدثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية بن صالح ، أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير حدثه عن أبيه عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعن جنبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يدعو : يا أيها الناس هلموا ادخلوا الصراط المستقيم جميعا ولا تفرقوا وداع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن فتحته تلجه فالصراط الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم» (١) ورواه الترمذي والنسائي عن علي بن حجر ، زاد النسائي وعمرو بن عثمان كلاهما عن بقية بن الوليد عن يحيى بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس بن سمعان به ، وقال الترمذي : حسن غريب (٢).
وقوله تعالى : (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) إنما وحد سبيله لأن الحق واحد ، ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها كما قال تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة : ٢٥٧] وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث؟» ثم تلا (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) حتى فرغ من ثلاث آيات ثم قال «ومن وفى بهن فأجره على الله ، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله في الدنيا كانت عقوبته ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله إن شاء آخذه وإن شاء عفا عنه».
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً
__________________
(١) مسند أحمد ٤ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٢) سنن الترمذي (أدب باب ٧٦)