ولهذا ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها ، كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا نصر بن علي ، حدثنا عمرو بن مجمع ، عن يونس بن خباب عن ابن جبير بن مطعم يعني نافع بن جبير ، عن ابن عباس ، وحدثنا عمر بن الخطاب يعني السجستاني ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يونس بن خباب عن ابن جبير بن مطعم ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو «اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بك اللهم أن أغتال من تحتي» تفرد به البزار وحسنه.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا وكيع ، حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري ، حدثني جرير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ، سمعت عبد الله بن عمر يقول : لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» (٢) ، قال وكيع : من تحتي يعني الخسف ، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم من حديث عبادة بن مسلم به ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد.
(قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) (١٨)
أكد تعالى عليه اللعنة والطرد والإبعاد والنفي عن محل الملأ الأعلى ، بقوله (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) قال ابن جرير (٣) : أما المذؤوم فهو المعيب ، والذأم غير مشدد العيب يقال ذأمه يذأمه ذأما فهو مذءوم ، ويتركون الهمزة فيقول ذمته أذيمه ذيما وذاما ، والذام والذيم أبلغ في العيب من الذم ، قال : والمدحور المقصي ، هو المبعد المطرود ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ما نعرف المذؤوم والمذموم إلا واحدا (٤) ، وقال سفيان الثوري : عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) قال مقيتا ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : صغيرا مقيتا وقال السدي : مقيتا مطرودا ، وقال قتادة : لعينا مقيتا ، وقال مجاهد : منفيا مطرودا وقال الربيع بن أنس : مذءوما منفيا والمدحور المصغر (٥). وقوله
__________________
(١) المسند ٢ / ٢٥.
(٢) أخرجه أبو داود في الأدب باب ١٠١ ، والنسائي في الاستعاذة باب ٦٠ ، وابن ماجة في الدعاء باب ١٤.
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٤٤٨.
(٤) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٤٨.
(٥) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٤٨.