موبقها» (١). وفي صحيح مسلم من رواية سماك بن حرب عن مصعب بن سعد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا يقبل الله صدقة من غلول ، ولا صلاة بغير طهور» (٢). وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة عن قتادة ، سمعت أبا المليح الهذلي يحدث عن أبيه ، قال : كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيت فسمعته يقول «إن الله لا يقبل صلاة من غير طهور ، ولا صدقة من غلول» وكذا رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث شعبة.
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١)
يقول تعالى مذكرا عباده المؤمنين نعمته عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم. وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم وما أخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته ، والقيام بدينه وإبلاغه عنه ، وقبوله منه ، فقال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون عليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند إسلامهم كما قالوا : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وأثره علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، وقال الله تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الحديد : ٨] ، وقيل : هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمد صلىاللهعليهوسلم والانقياد لشرعه ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وقيل : هو تذكار بما أخذ تعالى من العهد على ذرية آدم حين استخرجهم من صلبه وأشهدهم على أنفسهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) [الأعراف : ١٧٢] قاله مجاهد ومقاتل بن حيان ، والقول الأول أظهر ، وهو المحكي عن ابن عباس والسدي واختاره ابن جرير(٣).
ثم قال تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) تأكيد وتحريض على مواظبة التقوى في كل حال ، ثم أعلمهم
__________________
(١) صحيح مسلم (طهارة حديث ١)
(٢) المصدر السابق.
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٤٨١.