وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم تلا قول عيسى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فرفع يديه ، فقال «اللهم أمتي» وبكى ، فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد ـ وربك أعلم ـ فاسأله ما يبكيه ، فأتاه جبريل فسأله ، فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما قال وهو أعلم ، فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا حسين قال : حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا ابن هبيرة ، أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول : حدثني سعيد بن المسيب ، سمعت حذيفة بن اليمان يقول : غاب عنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما ، فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج ، فلما خرج سجد سجدة ظننا أن نفسه قد قبضت فيها ، فلما رفع رأسه قال «إن ربي عزوجل استشارني في أمتي ماذا أفعل بهم؟ فقلت : ما شئت أي رب ، هم خلقك وعبادك ، فاستشارني الثانية فقلت له كذلك ، فقال لي : لا أخزيك في أمتك يا محمد ، وبشرني أن أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب. ثم أرسل إليّ فقال : ادع تجب وسل تعط ، فقلت لرسوله : أو معطيّ ربي سؤلي؟ فقال : ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ، ولقد أعطاني ربي ولا فخر ، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، وأنا أمشي حيا صحيحا ، وأعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلب ، وأعطاني الكوثر ، وهو نهر في الجنة يسيل في حوضي ، وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا ، وأعطاني أني أول الأنبياء يدخل الجنة ، وطيب لي ولأمتي الغنيمة ، وأحل لنا كثيرا مما شدد على من قبلنا ، ولم يجعل علينا في الدين من حرج».
(قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١٩) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٢٠)
يقول تعالى مجيبا لعبده ورسوله عيسى ابن مريم عليهالسلام ، فيما أنهاه إليه من التبري من النصارى الملحدين الكاذبين على الله وعلى رسوله ، ومن رد المشيئة فيهم إلى ربه عزوجل ، فعند ذلك يقول تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) قال الضحاك : عن ابن عباس يقول: يوم ينفع الموحدين توحيدهم ، (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) أي ماكثين فيها لا يحولون ولا يزولون ، رضي الله عنهم ورضوا عنه كما قال تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) [التوبة : ٧٢] وسيأتي ما يتعلق بتلك الآية من الحديث ، وروى ابن أبي حاتم ها هنا حديثا عن أنس فقال : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا المحاربي عن ليث عن عثمان ، يعني ابن عمير ، أخبرنا اليقظان عن أنس مرفوعا ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ثم يتجلى لهم الرب جل
__________________
(١) مسند أحمد ٥ / ٣٩٣.