(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٣١)
هذه الآية الكريمة رد على المشركين فيما كانوا يعتمدونه ، من الطواف بالبيت عراة كما رواه مسلم والنسائي وابن جرير ، واللفظ له من حديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : قال : كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء ، الرجال بالنهار والنساء بالليل ، وكانت المرأة تقول : [رجز]
اليوم يبدو بعضه أو كلّه |
|
وما بدا منه فلا أحلّه (١) |
فقال الله تعالى (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وقال العوفي : عن ابن عباس في قوله (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الآية ، قال : كان رجال يطوفون بالبيت عراة فأمرهم الله بالزينة. والزينة اللباس وهو ما يواري السوأة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع ، فأمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد ، وهكذا قال مجاهد وعطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وقتادة والسدي والضحاك ومالك ، عن الزهري وغير واحد من أئمة السلف في تفسيرها أنها نزلت في طواف المشركين بالبيت عراة ، وقد روى الحافظ ابن مردويه من حديث سعيد بن بشير والأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس مرفوعا ، أنها نزلت في الصلاة في النعال ، ولكن في صحته نظر ، والله أعلم ، ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يستحب التجمل عند الصلاة ، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد ، والطيب لأنه من الزينة والسواك لأنه من تمام ذلك.
ومن أفضل اللباس البياض كما قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير وصححه عن ابن عباس مرفوعا ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم وإن خير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر» (٣) هذا حديث جيد الإسناد ، رجاله على شرط مسلم ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم به ، وقال الترمذي : حسن صحيح.
وللإمام أحمد أيضا وأهل السنن بإسناد جيد عن سمرة بن جندب قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «عليكم بثياب البياض فالبسوها فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم» (٤) وروى الطبراني بسند
__________________
(١) تقدم الرجز مع تخريجه قبل قليل في تفسير الآية ٢٨ من هذه السورة.
(٢) المسند ١ / ٢٤٧.
(٣) أخرجه أبو داود في اللباس باب ١٣ ، والطب باب ١٤ ، والترمذي في اللباس باب ٢٢ ، والطب باب ٩ ، وابن ماجة في الطب باب ٢٥.
(٤) أخرجه أبو داود في الطب باب ١٤ ، واللباس باب ١٣ ، والترمذي في الجنائز باب ١٨ ، والأدب باب ٤٦ ، والنسائي في الجنائز باب ٣٨ ، والزينة باب ٩٧ ، وابن ماجة في الجنائز باب ١٢ ، واللباس باب ٥ ، ـ