تقوم إلى كذا وكذا؟ فقال : سبحان الله ، أو لا إله إلا الله أو كلمة نحوهما ، لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا ، إنما قلت أنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما يخرب البيت ويكون ويكون ـ ثم قال ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين ـ لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما ـ فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه».
قال : سمعتها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا ، فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون؟ فيقولون : فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ، وهم في ذلك دارّ رزقهم حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا ـ قال ـ وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله ، قال : فيصعق ويصعق الناس ، ثم يرسل الله ـ أو قال ينزل الله ـ مطرا كأنه الطل ـ أو قال : الظل ، نعمان الشاك ، فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسؤولون ، ثم يقال : أخرجوا بعث النار ، فيقال : كم؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، قال : فذلك يوم يجعل الولدان شيبا ، وذلك يوم يكشف عن ساق».
وقوله ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا. الليت هو صفحة العنق ، أي أمال عنقه ليستمعه من السماء جيدا ، فهذه نفخة الفزع ، ثم بعد ذلك نفخة الصعق وهو الموت ، ثم بعد ذلك نفخة القيام لرب العالمين وهو النشور من القبور لجميع الخلائق ، ولهذا قال تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) قرئ بالمد وبغيره على الفعل ، وكل بمعنى واحد ، وداخرين أي صاغرين مطيعين لا يتخلف أحد عن أمره ، كما قال تعالى : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : ٥٢] وقال تعالى : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) [الروم : ٢٥].
وفي حديث الصور أنه في النفخة الثالثة يأمر الله الأرواح فتوضع في ثقب في الصور ، ثم ينفخ إسرافيل فيه بعد ما تنبت الأجساد في قبورها وأماكنها ، فإذا نفخ في الصور طارت الأرواح تتوهج أرواح المؤمنين نورا ، وأرواح الكافرين ظلمة ، فيقول الله عزوجل : وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى جسدها. فتجيء الأرواح إلى أجسادها فتدب فيها كما يدب السم في اللديغ ، ثم يقومون ينفضون التراب من قبورهم ، قال تعالى : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) [المعارج : ٤٣].
وقوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) أي تراها كأنها ثابتة