والكسوة ، بهذه الآية ، واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة (١) في كتابه السنن حيث قال : باب استئجار الأجير على طعام بطنه ، حدثنا محمد بن المصفي الحمصي ، حدثنا بقية بن الوليد عن مسلمة بن علي عن سعيد بن أبي أيوب عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال : سمعت عتبة بن المنذر السلمي يقول : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأ طسم حتى إذا بلغ قصة موسى قال : «إن موسى آجر نفسه ثماني سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه» وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيف ، لأن مسلمة بن علي وهو الخشني الدمشقي البلاطي ضعيف الرواية عند الأئمة ، ولكن قد روي من وجه آخر ، وفيه نظر أيضا.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله بن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت عتبة بن النّدر السلمي صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحدث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن موسى عليهالسلام آجر نفسه بعفة فرجه وطعمة بطنه».
وقوله تعالى إخبارا عن موسى عليهالسلام (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) يقول : إن موسى قال لصهره : الأمر على ما قلت من أنك استأجرتني على ثمان سنين ، فإن أتممت عشرا فمن عندي فأنا متى فعلت أقلهما فقد برئت من العهد وخرجت من الشرط ، ولهذا قال (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) أي فلا حرج علي ، مع أن الكامل وإن كان مباحا لكنه فاضل من جهة أخرى بدليل من خارج ، كما قال تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه ، وكان كثير الصيام ، وسأله عن الصوم في السفر ، فقال : «إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر» (٢) مع أن فعل الصيام راجح من دليل آخر ، هذا وقد دل الدليل على أن موسى عليهالسلام إنما فعل أكمل الأجلين وأتمهما.
وقال البخاري (٣) : حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال : سألني يهودي من أهل الحيرة : أي الأجلين قضى موسى؟ فقلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله ، فقدمت على ابن عباس رضي الله عنه فسألته ، فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله إذا قال فعل ، هكذا رواه البخاري وهكذا رواه حكيم بن جبير وغيره عن سعيد بن جبير ، ووقع في حديث الفتون من رواية القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير : أن الذي سأله رجل من أهل النصرانية
__________________
(١) كتاب الرهون باب ٥.
(٢) أخرجه النسائي في الصيام باب ٥٦ ، وأحمد في المسند ٣ / ٤٩٤.
(٣) كتاب الشهادات باب ٢٨.