وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا وكيع ، أخبرنا الأعمش قال : أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة ، قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن فلانا يصلي بالليل ، فإذا أصبح سرق ، فقال : «إنه سينهاه ما تقول». وتشتمل الصلاة أيضا على ذكر الله تعالى وهو المطلوب الأكبر ، ولهذا قال تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) أي أعظم من الأول (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم. وقال أبو العالية في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قال : إن الصلاة فيها ثلاث خصال ، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخصال فليست بصلاة : الإخلاص ، والخشية ، وذكر الله ، فالإخلاص يأمره بالمعروف ، والخشية تنهاه عن المنكر ، وذكر الله القرآن يأمره وينهاه وقال ابن عون الأنصاري : إذا كنت في صلاة ، فأنت في معروف ، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر ، والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر.
وقال حماد بن أبي سليمان (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) يعني ما دمت فيها. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) يقول : ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه (٢) ، وكذا روى غير واحد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد وغيره ، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن رجل عن ابن عباس (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال : ذكر الله عند طعامك وعند منامك ، قلت : فإن صاحبا لي في المنزل يقول غير الذي تقول ، قال : وأي شيء يقول؟ قلت : يقول الله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) فلذكر الله إيانا أكبر من ذكرنا إياه ، قال : صدق ، قال : وحدثنا أبي ، حدثنا النفيلي ، حدثنا إسماعيل عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال : لها وجهان ، قال : ذكر الله عند ما حرمه ، قال : وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه.
قال ابن جرير (٣) : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن ربيعة قال : قال لي ابن عباس : هل تدري ما قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ)؟ قال : قلت نعم ، قال : فما هو؟ قلت : التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك. قال : لقد قلت قولا عجيبا وما هو كذلك ولكنه إنما يقول ذكر الله إياكم عند ما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم إياه ، وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس ، وروي أيضا عن ابن مسعود وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وغيرهم ، واختاره ابن جرير.
(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ
__________________
(١) المسند ٢ / ٤٤٧.
(٢) انظر تفسير الطبري ١٠ / ١٤٦.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ١٤٥ ، ١٤٦.