ما فسر به سورة النور. فقوله وهي مبهمة أي عامة في تحريم قذف كل محصنة ولعنته في الدنيا والآخرة ، وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هذا في عائشة ومن صنع مثل هذا أيضا اليوم في المسلمات فله ما قال الله تعالى ولكن عائشة كانت إمام في ذلك.
وقد اختار ابن جرير عمومها وهو الصحيح ، ويعضد العموم ما رواه ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب ، حدثني عمي ، حدثنا سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «اجتنبوا السبع الموبقات» قيل : وما هن يا رسول الله؟ قال «الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (١) أخرجاه في الصحيحين من حديث سليمان بن بلال به.
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحذاء الحراني ، حدثني أبي وحدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا جدي أحمد بن أبي شعيب ، حدثني موسى بن أعين عن ليث عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة». وقوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو يحيى الرازي عن عمرو بن أبي قيس ، عن مطرف عن المنهال عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إنهم يعني المشركين إذ رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الصلاة قالوا : تعالوا حتى نجحد فيجحدون ، فيختم على أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم ولا يكتمون الله حديثا.
وقال ابن أبي حاتم وابن جرير (٢) أيضا : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فيجحد ويخاصم ، فيقال هؤلاء جيرانك يشهدون عليك ، فيقول كذبوا ، فيقال أهلك وعشيرتك ، فيقول كذبوا ، فيقال احلفوا فيحلفون ، ثم يصمتهم الله فتشهد عليهم أيديهم وألسنتهم ، ثم يدخلهم النار».
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة الكوفي ، حدثنا منجاب بن الحارث التميمي ، حدثنا أبو عامر الأسدي ، حدثنا سفيان بن عبيد المكتب عن فضيل بن عمرو الفقيمي عن الشعبي عن أنس بن مالك قال : كنا عند النبي صلىاللهعليهوسلم فضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قال : «أتدرون مم أضحك؟» قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال «من مجادلة العبد لربه يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول : بلى ، فيقول : لا أجيز عليّ إلا شاهدا من
__________________
(١) أخرجه البخاري في الوصايا باب ٢٣ ، ومسلم في الإيمان حديث ١٤٤.
(٢) تفسير الطبري ٩ / ٢٩٢.