وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت : يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال «لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ـ ثم قال : ـ ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، وصلاة الرجل في جوف الليل ـ ثم قرأ ـ (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) حتى بلغ (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ثم قال ـ ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ ـ فقلت : بلى يا رسول الله فقال : ـ رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروه سنامه الجهاد في سبيل الله.
ثم قال ـ : ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» فقلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه ثم قال «كف عليك هذا». فقلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ، فقال «ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ـ أو قال : على مناخرهم ـ إلا حصائد ألسنتهم» (٢) ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجة في سننهم من طرق عن معمر به. وقال الترمذي : حسن صحيح.
ورواه ابن جرير (٣) من حديث شعبة عن الحكم قال : سمعت عروة بن الزبير يحدث عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له «ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة ، وقيام العبد في جوف الليل» وتلا هذه الآية (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).
ورواه أيضا من حديث الثوري عن منصور بن المعتمر عن الحكم ، عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ عن النبي صلىاللهعليهوسلم بنحوه. ومن حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت ، والحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ مرفوعا بنحوه. ومن حديث حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن شهر ، عن معاذ أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) قال «قيام العبد من الليل» (٤).
وروى ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا فطر بن خليفة عن حبيب بن أبي ثابت والحكم وحكيم بن جرير عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن
__________________
(١) المسند ٥ / ٢٣١.
(٢) أخرجه الترمذي في الإيمان باب ٨ ، وابن ماجة في الفتن باب ١٢.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٢٤٠.
(٤) تفسير الطبري ١٠ / ٢٤١.