وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل كقوله (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً) [الشعراء : ١١٨] الآية ، وكقوله (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) [سبأ : ٢٦] الآية ، وقال تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) [إبراهيم : ١٥] وقال تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) [البقرة : ٨٩] وقال تعالى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفال : ١٩].
ثم قال تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) أي أعرض عن هؤلاء المشركين ، وبلغ ما أنزل إليك من ربك ، كقوله : (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [الأنعام : ١٠٦] الآية ، وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعد وسينصرك على من خالفك ، إنه لا يخلف الميعاد. وقوله (إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) أي أنت منتظر وهم منتظرون ويتربصون بكم الدوائر (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) [الطور : ٣٠] وسترى أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة الله في نصرتك وتأييدك ، وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك من وبيل عقاب الله لهم ، وحلول عذابه بهم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
آخر تفسير سورة السجدة ولله الحمد والمنة.