أبويك» وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه ، قالت : ثم قال : «إن الله تعالى قال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) إلى تمام الآيتين ، فقلت له : ففي أي هذا أستأمر أبوي ، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة؟ وكذا رواه معلقا عن الليث ، حدثني يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها فذكره ، وزاد : قالت ثم فعل أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم مثل ما فعلت ، وقد حكى البخاري (١) أن معمرا اضطرب فيه ، فتارة رواه عن الزهري عن أبي سلمة ، وتارة رواه عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
وقال ابن جرير (٢) : حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال : قالت عائشة رضي الله عنها : لما نزل الخيار قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني أريد أن أذكر لك أمرا ، فلا تقضي فيه شيئا حتى تستأمري أبويك» قالت : قلت : وما هو يا رسول الله؟ قال فرده عليها ، فقالت : وما هو يا رسول الله؟ قالت فقرأ صلىاللهعليهوسلم عليها (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) إلى آخر الآية ، قالت : فقلت بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة ، قالت : ففرح بذلك النبي صلىاللهعليهوسلم.
وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما نزلت آية التخيير بدأ بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك : أبي بكر وأم رومان رضي الله عنهما» فقالت : يا رسول الله وما هو؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) قالت : فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ولا أؤامر في ذلك أبوي أبا بكر وأم رومان رضي الله عنهما. فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم استقرأ الحجر فقال : «إن عائشة رضي الله عنها قالت كذا وكذا» فقلن : ونحن نقول مثلما قالت عائشة رضي الله عنهن كلهن. رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن أبي أسامة عن محمد بن عمرو به.
قال ابن جرير (٣) : وحدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما نزل على نسائه أمر أن يخيرهن ، فدخل علي فقال : «سأذكر لك أمرا فلا تعجلي حتى تستشيري أباك» فقلت : وما هو يا رسول الله؟ قال : «إني أمرت أن أخيركن» وتلا عليها آية التخيير إلى آخر الآيتين ، قالت : فقلت وما الذي تقول : لا تعجلي حتى تستشيري أباك؟ فإني أختار الله
__________________
(١) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٣٣ ، باب ٥.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٢٩٠.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٢٩٠.