البجلي رضي الله عنه قال : سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن نظرة الفجأة ، فأمرني أن أصرف بصري (١). وكذا رواه الإمام أحمد عن هشيم عن يونس بن عبيد به. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديثه أيضا. وقال الترمذي حسن صحيح ، وفي رواية لبعضهم فقال «أطرق بصرك» يعني أنظر إلى الأرض ، والصرف أعم ، فإنه قد يكون إلى الأرض وإلى جهة أخرى ، والله أعلم.
وقال أبو داود : حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، حدثنا شريك عن أبي ربيعة الإيادي ، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي «يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة» (٢) ورواه الترمذي من حديث شريك وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديثه. وفي الصحيح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إياكم والجلوس على الطرقات» قالوا : يا رسول الله لا بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه» قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله؟ فقال «غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ؛ والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر» (٣).
وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا فضل بن جبير ، سمعت أبا أمامة ، يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «اكفلوا لي ستا أكفل لكم بالجنة : إذا حدث أحدكم فلا يكذب ، وإذا اؤتمن فلا يخن ، وإذا وعد فلا يخلف ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيدكم ، واحفظوا فروجكم» وفي صحيح البخاري «من يكفل لي ما بين لحييه وما بين رجليه ، أكفل له الجنة» (٤) وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال : كل ما عصي الله به فهو كبيرة ، وقد ذكر الطرفين فقال (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب ، كما قال بعض السلف : النظر سهام سم إلى القلب ، ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك ، فقال تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا ، كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) [المعارج : ٢٩ ـ ٣٠] الآية ، وتارة يكون بحفظه من النظر إليه كما جاء في الحديث في مسند أحمد والسنن «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» (٥) (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أي أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم ، كما قيل من حفظ
__________________
(١) أخرجه مسلم في الأدب حديث ٤٥ ، وأبو داود في النكاح باب ٤٣ ، والترمذي في الأدب باب ٢٨ ، والدارمي في الاستئذان باب ١٥ ، وأحمد في المسند ٤ / ٣٥٨ ، ٣٦١.
(٢) أخرجه أبو داود في النكاح باب ٤٣ ، والترمذي في الأدب باب ٢٨.
(٣) أخرجه البخاري في المظالم باب ٢٢ ، والاستئذان باب ٢ ، ومسلم في اللباس حديث ١١٤.
(٤) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٢٣.
(٥) أخرجه أبو داود في الحمام باب ٢ ، والأدب باب ٢٢ ، والترمذي في الأدب باب ٢٢ ، ٣٩ ، وابن ماجة في النكاح باب ٢٨ ، وأحمد في المسند ٥ / ٣ ، ٤.