ففي هذا دلالة على تغريب الزاني مع جلد مائة إذا كان بكرا لم يتزوج ، فأما إذا كان محصنا وهو الذي قد وطئ في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل فإنه يرجم. كما قال الإمام مالك : حدثني محمد بن شهاب ، أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره أن. عمر قام فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال : أما بعد ، أيها الناس فإن الله تعالى بعث محمداصلىاللهعليهوسلم بالحق ، وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ، فقرأناها ووعيناها ، ورجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمنا بعده ، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله ، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف (١). أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا ، وهذه قطعة منه فيها مقصودنا هاهنا.
وروى الإمام أحمد (٢) عن هشيم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس: حدثني عبد الرحمن بن عوف أن عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته يقول : ألا وإن أناسا يقولون ما بال الرجم؟ في كتاب الله الجلد ، وقد رجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمنا بعده ، ولو لا أن يقول قائل أو يتكلم متكلم أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت به وأخرجه النسائي من حديث عبيد الله بن عبد الله به.
وقد روى الإمام أحمد (٣) أيضا عن هشيم عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر الرجم ، فقال : لا تخدعن عنه فإنه حد من حدود الله تعالى ، ألا وإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد رجم ورجمنا بعده ، ولو لا أن يقول قائلون : زاد عمر في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت في ناحية من المصحف وشهد عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد رجم ورجمناه بعده ، ألا إنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم ، وبالدجال وبالشفاعة ، وبعذاب القبر ، وبقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا.
وروى أحمد (٤) أيضا عن يحيى القطان عن يحيى الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب «إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم» الحديث رواه الترمذي (٥) من حديث سعيد عن عمر ، وقال صحيح. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون عن محمد هو ابن سيرين ، قال : نبئت عن كثير بن الصلت
__________________
(١) أخرجه البخاري في الحدود باب ٣٠ ، ومسلم في الحدود حديث ٢٥ ، ومالك في الحدود حديث ٦.
(٢) المسند ١ / ٢٩.
(٣) المسند ١ / ٢٣.
(٤) المسند ١ / ٢٦.
(٥) كتاب الحدود باب ١٠.