أنه يجب على السيد إذا طلب منه عبده ذلك أن يجيبه إلى ما طلب أخذا بظاهر هذا الأمر.
وقال البخاري : وقال روح عن ابن جريج قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه ، قال : ما أراه إلا واجبا. وقال عمرو بن دينار : قلت لعطاء : أتأثره عن أحد؟ قال : لا ، ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره أن سيرين سأل أنسا المكاتبة ، وكان كثير المال فأبى ، فانطلق إلى عمر رضي الله عنه ، فقال : كاتبه ، فأبى فضربه بالدرة ، ويتلو عمر رضي الله عنه (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) فكاتبه (١) هكذا ذكره البخاري تعليقا ، ورواه عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال : قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال : ما أراه إلا واجبا.
وقال ابن جرير (٢) : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك : أن سيرين أراد أن يكاتبه ، فتلكأ عليه فقال له عمر : لتكاتبنه ، إسناد صحيح. وقال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم بن جويبر عن الضحاك قال : هي عزمة ، وهذا القول القديم من قولي الشافعي ، وذهب في الجديد إلى أنه لا يجب لقوله عليهالسلام «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه». وقال ابن وهب : قال مالك : الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك ، ولم أسمع أحدا من الأئمة أكره أحدا على أن يكاتب عبده. قال مالك : وإنما ذلك أمر من الله تعالى وإذن منه للناس وليس بواجب. وكذا قال الثوري وأبو حنيفة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم ، واختار ابن جرير قول الوجوب لظاهر الآية.
وقوله تعالى : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال بعضهم : أمانة ، وقال بعضهم : صدقا ، وقال بعضهم : مالا ، وقال بعضهم : حيلة وكسبا. وروى أبو داود في المراسيل ، عن يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال «إن علمتم فيهم حرفة ، ولا ترسلوهم كلا على الناس» ، وقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) اختلف المفسرون فيه ، فقال بعضهم : معناه اطرحوا لهم من الكتابة بعضها ، ثم قال بعضهم : مقدار الربع ، وقيل الثلث ، وقيل النصف ، وقيل جزء من الكتابة من غير حد.
وقال آخرون : بل المراد من قوله (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) هو النصيب الذي فرض الله لهم من أموال الزكاة ، وهذا قول الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وأبيه ومقاتل بن حيان ، واختاره ابن جرير ، وقال إبراهيم النخعي في قوله (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) قال : حث الناس عليه مولاه وغيره ، وكذا قال بريدة بن الحصيب الأسلمي وقتادة ، وقال ابن عباس : أمر الله المؤمنين أن يعينوا في الرقاب. وقد تقدم في الحديث عن النبيصلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) أخرجه البخاري في المكاتب باب ١.
(٢) تفسير الطبري ٩ / ٣١٢.