رضي الله عنه قال : أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وعن ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح. يقول الله تعالى : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) رواه ابن جرير ، وذكر البغوي عن عمر بنحوه.
وعن الليث عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ثلاثة حق على الله عونهم : الناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء ، والغازي في سبيل الله» (١) رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة. وقد زوج النبيصلىاللهعليهوسلم ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره ، ولم يقدر على خاتم من حديد ، ومع هذا فزوجه بتلك المرأة وجعل صداقها عليه أن يعلمها ما معه من القرآن. والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله ، وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث «تزوجوا فقراء يغنكم الله» فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن ، وفي القرآن غنية عنه ، وكذا هذه الأحاديث التي أوردناها ، ولله الحمد والمنة.
وقوله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجا بالتعفف عن الحرام كما قال صلىاللهعليهوسلم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» الحديث ، وهذه الآية مطلقة ، والتي في سورة النساء أخص منها وهي قوله (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ ـ إلى قوله ـ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [النساء: ٢٥] أي صبركم عن تزوج الإماء خير لكم ، لأن الولد يجيء رقيقا (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال عكرمة في قوله (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) قال : هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي ، فإن كانت له امرأة فليذهب إليها وليقض حاجته منها ، وإن لم يكن له امرأة فلينظر في ملكوت السموات والأرض حتى يغنيه الله.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) هذا أمر من الله تعالى للسادة إذا طلب عبيدهم منهم الكتابة أن يكاتبوهم بشرط أن يكون للعبد حيلة وكسب يؤدي إلى سيده المال الذي شارطه على أدائه ، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن هذا الأمر أمر إرشاد واستحباب ، لا أمر تحتم وإيجاب ، بل السيد مخير إذا طلب منه عبده الكتابة ، إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه قال الثوري عن جابر عن الشعبي : إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه. وكذا قال ابن وهب عن إسماعيل بن عياش عن رجل عن عطاء بن أبي رباح : إن يشأ يكاتبه وإن يشأ لم يكاتبه. وكذا قال مقاتل بن حيان والحسن البصري ، وذهب آخرون إلى
__________________
(١) أخرجه الترمذي في فضائل الجهاد باب ٢٠ ، والنسائي في الجهاد باب ١٢ ، والنكاح باب ٥ ، وابن ماجة في العتق باب ٣ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٥١ ، ٤٣٧.