ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ثم قال ، ورواه غير زائدة عن سماك عن عطية عن عائشة رضي الله عنها ، هذا في شعر طرفة بن العبد في معلقته المشهورة ، وهذا المذكور منها أوله [الطويل] :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد |
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له |
|
بتاتا ولم تضرب له وقت موعد |
وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة : قيل لعائشة رضي الله عنها : هل كان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت رضي الله عنها : كان أبغض الحديث إليه ، غير أنه صلىاللهعليهوسلم كان يتمثل ببيت أخي بني قيس ، فيجعل أوله آخره ، وآخره أوله ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : ليس هذا هكذا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني والله ما أنا بشاعر وما ينبغي لي» رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، وهذا لفظه. وقال معمر عن قتادة : بلغني أن عائشة رضي الله عنها سئلت : هل كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت رضي الله عنها : لا. إلا بيت طرفة.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك بالأخبار من لم تزود |
فجعل صلىاللهعليهوسلم يقول : «من لم تزود بالأخبار» فقال أبو بكر : ليس هذا هكذا ، فقالصلىاللهعليهوسلم: «إني لست بشاعر ولا ينبغي لي» وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم وكيل المتقي ببغداد ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير ، حدثنا علي بن عمرو الأنصاري ، حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا.
تفاءل بما تهوى يكن فلقلما |
|
يقال لشيء كان إلا تحققا |
سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث فقال : هو منكر ، ولم يعرف شيخ الحاكم ولا الضرير ، وثبت في الصحيح أنه صلىاللهعليهوسلم تمثل يوم حفر الخندق بأبيات عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ، ولكن تبعا لقول أصحابه رضي الله عنهم ، فإنهم كانوا يرتجزون وهم يحفرون فيقولون [رجز] :
لا همّ لو لا أنت ما اهتدينا |
|
ولا تصدقنا ولا صلينا (١) |
فأنزلن سكينة علينا |
|
وثبت الأقدام إن لاقينا |
إن الألى قد بغوا علينا |
|
إذا أرادوا فتنة أبينا |
__________________
(١) الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص ١٠٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٢٢ ، والكتاب ٣ / ٥١١ ، وله أو لعامر بن الأكوع في الدرر ٥ / ١٤٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٢٣٤ ، وتخليص الشواهد ص ١٣٠ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٣٩.