خمسمائة عام وجهنم مجنبته (١) ، وهكذا رواه ابن حاتم بهذا السياق.
وقال ابن جرير (٢) : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني الحجاج عن مبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول : إن هذه السماء إذا انشقت ينزل منها من الملائكة أكثر من الإنس والجن ، وهو يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض ، فيقول أهل الأرض : جاء ربنا؟ فيقولون : لم يجيء وهو آت ، ثم تنشق السماء الثانية ، ثم سماء سماء على قدر ذلك من التضعيف إلى السماء السابعة ، فينزل منها من الملائكة أكثر من جميع من نزل من السموات ومن الجن والإنس. قال : فتنزل الملائكة الكروبيون ، ثم يأتي ربنا في حملة العرش الثمانية بين كعب كل ملك وركبته مسيرة سبعين سنة ، وبين فخذه ومنكبه مسيرة سبعين سنة.
قال : وكل ملك منهم لم يتأمل وجه صاحبه ، وكل ملك منهم واضع رأسه بين ثدييه ، يقول : سبحان الملك القدوس ، وعلى رؤوسهم شيء مبسوط كأنه القباء ، والعرش فوق ذلك ، ثم وقف ، فمداره على علي بن زيد بن جدعان ، وفيه ضعف وفي سياقاته غالبا ، وفيها نكارة شديدة ، وقد ورد في حديث الصور المشهور قريب من هذا ، والله أعلم ، وقد قال الله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [الحاقة : ١٥ ـ ١٧] قال شهر بن حوشب : حملة العرش ثمانية ، أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك. وأربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ورواه ابن جرير عنه.
وقال أبو بكر بن عبد الله : إذا نظر أهل الأرض إلى العرش يهبط عليهم من فوقهم ، شخصت إليه أبصارهم ، ورجفت كلاهم في أجوافهم ، وطارت قلوبهم من مقرها من صدورهم إلى حناجرهم. قال ابن جرير (٣) : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا المعتمر بن سليمان عن عبد الجليل عن أبي حازم عن عبد الله بن عمرو قال : يهبط الله عزوجل حين يهبط ، وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب ، منها النور والظلمة فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب ، وهذا موقوف على عبد الله بن عمرو من كلامه ، ولعله من الزاملتين ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) الآية ، كما قال تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر : ١٦]. وفي الصحيح أن الله تعالى يطوي السموات بيمينه ، ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ، ثم يقول : أنا الملك أنا الديان ، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون،
__________________
(١) انظر الدر المنثور ٥ / ١٢٤.
(٢) تفسير الطبري ٩ / ٣٨٦.
(٣) تفسير الطبري ٩ / ٣٨٣.