لحكمة ، ولم يخلق الرّجل للمشي ، ولا اليد للبطش ، ولا اللّسان للنّطق ، إلى غير ذلك من الأعضاء ، ولم يخلق السّماوات والأرض وما بينهما لحكمة ، ولا لغاية ، ولا لغرض البتّة ، بل خلق جميع ذلك لا لفائدة راجعة إليه ، ولا إلى خلقه ، بل لا لفائدة أصلا ، وهذا بعينه هو العبث والباطل واللّعب ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وسأل أبو حنيفة (١) مولانا الكاظم عليهالسلام فقال : المعصية ممّن؟ فقال عليهالسلام : «المعصية إمّا من العبد ، أو من الله تعالى ، أو منهما ، فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يعذّب (٢) عبده الضّعيف ويأخذه بما لم يفعله ، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه والقويّ أولى بانصاف عبده الضّعيف ، وإن كانت المعصية من العبد وحده فعليه وقع الأمر ، وإليه توجّه الذّمّ والمدح ، وهو أحقّ بالثّواب والعقاب ، ووجبت له الجنّة والنّار» فقال أبو حنيفة : ذرّيّة بعضها من بعض ، والله سميع عليم (٣).
__________________
(١) هو النّعمان بن ثابت الكوفي مولاهم ، ذكره الشّيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليهالسلام. قال الذّهبي في ميزان الاعتدال : ضعّفه النسائي من جهة حفظه ، وابن عدي وآخرون. وقال الجصّاص : له فتاوي عجيبة ، منها ما أفتى به من أنّ الرّجل إذا استأجره امرأة على الزّنا لم يحدّ ، لأنّ الله تعالى سمّى المهر أجرا ؛ وله قياسات عجيبة ، فقد قال بطهارة الكلب ، ولكنّه ذهب إلى نجاسة لعابه ، قياسا له بنجاسة لحمه بعد موته. وقال الغزالي : فأمّا أبو حنيفة فقد قلّب الشّريعة ظهرا لبطن ، وشوّش مسلكها ، وغيّر نظامها ، وأردف جميع قواعد الشّرع بأصل هدم به شرع محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآله. وقال ابن الجوزي في جملة كلامه : وبعد هذا فاتّفق الكلّ على طعن فيه ، قلت : ومع ذلك إليه ينتمي المذهب الحنفي ؛ ولد سنة ٨٠ وتوفّي سنة ١٥٠.
(٢) في «ج» و «ق» و «م» : يظلم.
(٣) رواه الصدوق في الأمالي ٣٣٥ / ٤ ، والتوحيد ٩٦ / ٦ ، عيون أخبار الرضا ١ : ١٣٨ / ٣٧ ، و