ودليلهم في ذاك بيت قاله |
|
فيما يقال الأخطل النصراني |
يا قوم قد غلط النصارى قبل في |
|
معنى الكلام وما اهتدوا لبيان |
ولأجل ذا جعلوا المسيح إلههم |
|
اذ قيل كلمة خالق رحمن |
ولأجل ذا جعلوه ناسوتا ولا |
|
هوتا قديما بعد متحدان |
ونظير هذا من يقول كلامه |
|
معنى قديم غير ذي حدثان |
والشطر مخلوق وتلك حروفه |
|
ناستوته لكن هما غيران |
فانظر الى ذاك الاتفاق فإنه |
|
عجب وطالع سنة الرحمن |
الشرح : يعني أنه لا دليل لهؤلاء الكلابية والأشاعرة على اثبات الكلام النفسي الذي هو معنى قائم بالمتكلم الا بيتا من الشعر ينسب للأخطل ، وهو شاعر نصراني من بني تغلب كان في زمان بني أمية يقول فيه :
ان الكلام لفي الفؤاد وانما جعل |
|
اللسان على الفؤاد دليلا |
على أن هذا البيت لو صحت نسبته إليه ـ وكثير من اللغويين ينكرها ـ فإنه لم يرد به المعنى الذي ارادوه من اثبات الكلام النفسي العاري عن الحروف والالفاظ ولكنه يقصد به ان الانسان إذا أراد أن يتكلم فإنه يزور الكلام في نفسه أو لا قبل أن ينطق به ، ويزنه بعقله ثم يعبر عنه باللسان.
هذا شأن كل عاقل يعلم أنه مؤاخذ بما ينطق به ، أما أجراء الكلام على اللسان دون تقدير أو روية ، فإنما هو من شأن المجنون والهاذي ونحوهما. ويشهد لهذا قول عمر الله عنه يوم السقيفة : زورت في نفسي كلاما ، فهذا الكلام لم يكن مجرد معان قائمة بنفس عمر ، ولكنه كان جملا وعبارات أعدها ليلقيها من أجل استخلاف أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولو فرضنا أنه أراد هذا المعنى فإنه نصراني ، وقد غلط النصارى قديما في معنى الكلام حيث زعموا أن عيسى نفس كلمة الله ، فجعلوا الكلام الذي هو من قبيل الاعراض جوهرا قائما بنفسه ، ومن أجل هذا اتخذوه إلها. وقالوا أن اللاهوت يعنون الكلمة التي هي شيء من الاله اتحد بالناسوت ، اي بجسد عيسى عليهالسلام.