وعباده المؤمنين ، ولا يقابلها بالسب والشتم كفعل الجاهلين والمعاندين ، فإن رأى حقا تبعه وشكر عليه ، وإن رأى باطلا رده على قائله وأهدى الصواب إليه ، فإن الحق لله ورسوله ، والقصد أن تكون كلمة السنة هي العليا جهادا في الله وفي سبيله ، والله عند لسان كل قائل وقلبه ، وهو المطلع على نيته وكسبه ، وما كان أهل التعطيل أولياءه ، ان أولياؤه إلا المتقون ، المؤمنون المصدقون : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة : ١٠٥].
فصل: وهذه أمثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد ، ذكرناها قبل الشروع في المقصود ، فإن ضرب الأمثال مما يأنس به العقل لتقريبها المعقول من المشهود ، وقد قال تعالى ، وكلامه المشتمل على أعظم الحجج وقواطع البراهين : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) [الحشر : ٢١] الآية : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) [العنكبوت : ٤٣] وقد اشتمل منها على بضعة وأربعين مثلا ، وكان بعض السلف إذا قرأ مثلا لم يفهمه يشتد بكاؤه ويقول لست من العالمين ، وسنفرد لها ان شاء الله كتابا مستقلا متضمنا لأسرارها ومعانيها وما تضمنته من كنوز العلم وحقائق الإيمان ، والله المستعان وعليه التكلان.
المثل الأول : ثياب المعطل ملطخة بعذرة التحريف ، وشرابه متغير بنجاسة التعطيل. وثياب المشبه متضمخة بدم التشبيه وشرابه متغير بدم التمثيل ، والموحد طاهر الثوب والقلب والبدن ، يخرج شرابه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين.
المثل الثاني : شجرة المعطل مغروسة على شفا جرف هار. وشجرة المشبه قد اجتثت من فوق الأرض ما لها ما قرار. وشجرة الموحد أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون.
المثل الثالث : شجرة المعطل شجرة الزقوم ، فالحلوق السليمة لا تبلعها.