لا يمنع التعميم في الباقي وذا |
|
في غاية الايضاح والتبيان |
الشرح : وهذا الزام آخر يوجهه المؤلف الى هؤلاء النفاة الذين نفوا صفة الكلام عن الله عزوجل ، وزعموا أن كلامه هو ما يخلقه في غيره منفصلا عنه ، فيقال لهم : قد قامت الأدلة المتكاثرة التي تبلغ الف دليل أو قريبا منها ، على أن جميع أفعال العباد مخلوقة لله ، ولا شك أن كلامهم من جملة هذه الأفعال ، فيكون مخلوقا لله أيضا ، فإذا صح زعمكم في أن كلام الله هو ما يخلقه في غيره ، وأن نسبته إليه هي نسبة المخلوق الى خالقه لا نسبة الصفة الى موصوفها ، كنسبة البيت صاحب الأركان ، يعني الكعبة ، إليه لزم ان يكون كل كلام هذا الخلق ، حقه وباطله جده وهزله ، عين كلامه سبحانه ، فإنه يصدق عليه التعريف الذي عرفتم به كلام الله حيث قلتم هو ما يخلقه في غيره منفصلا عنه ، وهذا اللازم في غاية الفساد والبطلان وقد صرح به الاتحادية أصحاب مذهب وحدة الوجود بزعامة الزنديق ابن عربي وفي ذلك يقول شاعرهم :
وكل كلام في الوجود كلامه |
|
سواء علينا نثره ونظامه |
وذلك خوف الوقوع في التناقض حيث كان مذهبهم قائما على أنه ليس ثم الا وجود واحد ، وأن هذه الموجودات التي من جملتها الانسان انما هي صور ومظاهر لهذا الوجود ، فيكون الكلام الصادر من بعض هذه المظاهر هو كلامه ، اذ ليس ثمة غيره ، وهكذا طرد الاتحادية هذا اللازم والتزموا فوقعوا في غاية الكفر والتعطيل والحمد لله رب العالمين.
فإن زعم النفاة ان تخصيص القرآن بالإضافة إليه هو كتخصيص البيت بها مع أن كلا منهما مخلوق فلا يلزم أن يكون كل ما خلقه الله من الكلام في غيره تجوز اضافته إليه ، على أنه كلامه ، كما لا يلزم أن يكون كل ما خلقه الله من الابنية يضاف إليه على أنه بيته ، فالجواب أن هذا التخصيص لا ينفي العموم ، الا ترى أنه يجوز لك أن تقول رب العرش على سبيل التخصيص ، ثم تقول رب الأكوان التي من جملتها العرش على جهة التعميم ، فكذلك تخصيصه سبحانه