السموات الذي هو مفعول خلق ، ثم أخبر بعد ذلك أنه سخرها بالأمر في قوله مسخرات بأمره ثم قال عقب ذلك الا له الخلق والأمر فدل ذلك على أن الخلق غير الأمر وأنها بعد الخلق سخرت بالأمر ، وهذا أمر من الوضوح بمكان.
* * *
والأمر اما مصدر أو كان مفع |
|
ولا هما في ذاك مستويان |
مأموره هو قابل للأمر |
|
كالمصنوع قابل صنعة الرحمن |
فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور |
|
كالمخلوق ينفى لانتفا الحدثان |
وانظر الى نظم السياق تجد به |
|
سرا عجيبا واضح البرهان |
ذكر الخصوص وبعده متقدما |
|
والوصف والتعميم في ذا الثاني |
فأتى بنوعي خلقه وبأمره |
|
فعلا ووصفا موجزا ببيان |
فتدبر القرآن ان رمت الهدى |
|
فالعام تحت تدبر القرآن |
الشرح : قد يقول المنازع في المغايرة بين الخلق والأمر ان الأمر هنا مصدر بمعنى المأمور ، كما يقال الخلق بمعنى المخلوق ، ولا شك أن المأمور لا يكون الا مخلوقا فلا يلزمه التغاير بين الخلق والأمر ، فنقول له سواء جعل الأمر هنا مصدرا بمعنى أحد الأوامر ، او كان مفعولا فهما سواء في مغايرتهما للخلق والمخلوق ، فإن المأمور هو القابل للأمر كالمصنوع لقابل الصنعة ، وعلى هذا فالمأمور فرع الأمر ، فإذا لم يكن ثمة أمر فلا مأمور كما أن المخلوق الذي هو فرع الخلق ينتفي لانتفاء الحدثان يعني الخلق ، فتبين أن الخلق غير الأمر كما أن الفعل غير المفعول ، والأمر ينشأ عنه المأمورات والشرائع ، وأما الخلق فتنشأ عنه المخلوقات كلها.
وأعلم أن الناظر في سياق الآية الكريمة يجد سرا عجيبا ، فإن الله عزوجل ذكر خلقه للسماوات والأرض على وجه الخصوص ، ثم ذكر تسخيره للشمس والقمر والنجوم بأمره على وجه الخصوص أيضا ، وصرح فيهما بالفعل ، ثم أتى بعد ذلك بالخلق والأمر وصفين على جهة التعميم في قوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ