الله وقوله بآياته وحروفه ، فالمعرفة الحقة تقتضي التفرقة بين المتلو الذي هو كلام الله وبين المصنوع الذي هو من فعل العبد.
* * *
الكل مخلوق وليس كلامه |
|
المتلو مخلوقا هنا شيئان |
فعليك بالتفصيل والتمييز فالا |
|
طلاق والاجمال دون بيان |
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا ال |
|
أذهان والآراء كل زمان |
وتلاوة القرآن في تعريفها |
|
باللام قد يعني بها شيئان |
يعني به المتلو فهو كلامه |
|
هو غير مخلوق كذي الأكوان |
ويراد أفعال العباد كصوتهم |
|
وأدائهم وكلاهما خلقان |
الشرح : يعني أن كل ما ذكر مما هو من فعل العبد وصنعه ، كصوت القارئ وكتابة الكاتب وما يستخدمه في كتابته من مداد وورق وأقلام فهو مخلوق ، وأما كلامه هو سبحانه المتلو بتلك التلاوة أو المكتوب بتلك الكتابة فليس مخلوقا ، فيجب أن تفرق وتميز بين الأمرين ، وأن لا تحكم حكما إجماليا مطلقا دون تفصيل فإنه ما أفسد هذا الوجود وأوقع الشجار والنزاع بين لطوائف وأضل العقول والأفكار الا عدم التفصيل والبيان ، والتحديد لمعاني الألفاظ المجملة التي قد يقع في معانيها احتمال واشتباه. وبعض هذه المعاني يكون صحيحا مرادا ، وبعضها يكون فاسدا غير مراد ، فتتشبث طوائف المبتدعة بتلك المعاني الفاسدة ، وتفسير الألفاظ بها فتقع في الضلال ، ولهذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله يعني بتحديد معاني الألفاظ عند مناقشته لفرق الزيغ والضلال ، ويطالبهم بتحديد مرادهم منها. وهذا تلميذ النابغة يوصي بما أوصى به شيخه ، مبينا أن الفساد كله انما ينشأ عن الإطلاق والاجمال ، ففي المسألة التي معنا لا يجوز مثلا إطلاق القول بأن القرآن مخلوق أو غير مخلوق ، بل يجب التفصيل ، فإن كان المراد بالقرآن نفس الفاظ القارئ وصوته وأداءه ، فذلك ولا شك مخلوق ، وأما ان كان المراد به المتلو المؤدى ، فهذا كلام الله غير مخلوق.