الى آن هو آخرها ، مع ان كل آن منها له بداية وانتهاء ، لأنه واقع بين آنين ، فكل آن منها يبتدئ من نهاية الآن الذي قبله بابتداء الذي بعده ، ومع ذلك فجملة الآنات لا أول لها ولا آخر لا في الذهن ولا في الخارج ، فكل فرد من أفراد المخلوقات حادث موجود بعد أن لم يكن.
وأما النوع الذي هو من لوازم الكمال لأنه وصفه تعالى فلا مبتدأ له ولا منتهى ، بل لم يزل الله فعالا لما يريد ، لأنه لا يمكن أن يكون في وقت من الأوقات فاقدا لشيء من الكمال.
* * *
فإذا أبيتم ذا وقلتم أول ال |
|
آنات مفتتح بلا نكران |
ما كان ذاك الآن مسبوقا يرى |
|
الا بسلب وجوده الحقاني |
فيقال ما تعنون بالآنات هل |
|
تعنون مدة هذه الأزمان |
من حين أحداث السموات العلى |
|
والأرض والأفلاك والقمران |
ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن |
|
من قبلها شيء من الأكوان |
هل جاءكم في ذاك من أثر ومن |
|
نص ومن نظر ومن برهان |
هذا الكتاب وهذه الآثار والمع |
|
قول في الفطرات والأذهان |
أنا نحاكمكم إلى ما شئتموا |
|
منها فكل الحق في تبيان |
الشرح : لما مثل المؤلف لتعاقب الحوادث وتسلسلها فيما لم يزل ولا يزال بلا بداية ولا نهاية بتعاقب آنات الزمان ، كذلك قال للخصوم المانعين : فإذا أبيتم هذا القياس ومنعتم التسلسل في المقيس عليه ، وهو الآنات ، وقلتم أن أول الآنات مفتتح وله بداية ، ولم يكن هذا الآن الأول مسبوقا بآن قبله ، وانما كان مسبوقا بعدم وجود ، فيقال لكم : ما ذا تعنون بالآنات التي أنكرتم الحكم عليها بالتسلسل هل تعنون بها مدة الأزمنة الكائنة منذ خلق الله السموات والأرض وما فيهما من الأشياء ، ولا نظنكم تعنون بالزمان الا ذلك بدليل أنكم تقيسون الزمان بحركات الافلاك ودورانها ، فهذا يفيد أن الزمان عندكم حادث بحدوث هذه