تحصى كثرة والتي تدل أقوى دلالة على حدوث هذه الأفعال في ذاته تعالى بمشيئته وقدرته ، فكيف إذا يصح قول هؤلاء الجاهلين أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث دون أن يفرقوا بين جنس الحوادث وأعيانها فالممنوع هو قيام أشخاص الحوادث بذاته بمعنى أن يكون لها ابتداء في ذاته ، أما قيام اجناس الحوادث وحدوث آحادها في ذاته شيئا بعد شيء وفي وقت دون آخر بمعنى أنه لم يزل فاعلا لها إذا شاء فإنه لا يدل على امتناعه دليل بل نصوص الكتاب والسنة تثبته ولا تنفيه.
فقد تبين بذلك بطلان دليل هؤلاء وفساده ومصادمته للنصوص ولهذا اشتغل برده وابطاله كثير من أئمة التحقيق والعرفان. ولقد كان أمر الناس معتدلا وبعيدا عن الزيغ والانحراف قبل أن يلقي الشيطان بهذا الدليل إلى أوليائه من الانس ، ويدفعهم إلى أن يشيعوه بين الناس ويشتغلوا به كتابة وتفكيرا حتى تمكنت قضاياه من قلوبهم فالتزموا من أجله اللوازم الفاسدة التي أتت على الإيمان من القواعد حتى هوى بناؤه وتداعت أركانه. وجنوا على الإسلام أكبر جناية ومكنوا منه أعداءه وأعطوهم السلاح الذي يستطيعون محاربته به ، فقد جاء الفلاسفة واستغلوا هذا الدليل الذي هو عمدة المتكلمين في القول بالإيجاب ونفي الاختيار عن الله عزوجل والقول بقدم العالم الخ.
* * *
حملوا بأسلحة المحال فخانهم |
|
ذاك السلاح فما اشتفوا بطعان |
وأتى العدو إلى سلاحهم فقا |
|
تلهم به في غيبة الفرسان |
يا محنة الإسلام والقرآن من |
|
جهل الصديق وبغي ذي طغيان |
والله لو لا الله ناصر دينه |
|
وكتابه بالحق والبرهان |
لتخطفت أعداؤنا أرواحنا |
|
ولقطعت منا عرى الإيمان |
الشرح : يعني أن هؤلاء الجهلة من المتكلمين الذين لا يحسنون الدفاع عن الإسلام ضد خصومه وأعدائه حملوا على هؤلاء الخصوم بأسلحة مفلولة ، والمراد بها الادلة الباطلة المحالة فخانهم سلاحهم ولم يسعفهم ولا شفى منهم الصدور عند