هذه الامة علما وايمانا ، هذا محال ، وكيف يعقل أن توفقوا أنتم يا أذناب الفلاسفة واخوان الزنادقة للحق في أصل اليقين وأساس الإيمان في حين يرجع هؤلاء الافاضل الكملة بالخيبة والحرمان ، وكيف جاز أن تهتدوا أنتم إلى ما لم يهتدوا إليه أو تدخلوا إلى الحق من باب لم يعرفوه أو تسلكوا إلى العلم والهدي طريقا لم يسلكوه ، ولكنكم لا تتورعون من رمي القوم بالجهل وقلة المعرفة حيث قلتم أن مذهبنا أعلم وأحكم ، ومذهب السلف أسلم ، وزعمتم أنكم عرفتم ربكم بدليل العقل ، وهو يفيد القطع واليقين ، أما القوم فما عرفوه إلا من طريق الآيات القرآنية ، وهي في زعمكم لا تفيد إلا الظن واقناع السامعين.
فيا عجبا لكم تخالفون طريق القوم وتزعمون أنكم على الحق والهدي ، فمن أحق بذلك ، أنتم أو هم؟ لا شك أنهم أولى وأحق بكل حق وكل هدي ، وليس لمن خالفهم واتبع غير سبيلهم إلا الوقوع في الغي والضلال.
* * *
دع ذا أليس انه قد أبدى لنا |
|
حق الأدلة وهي في القرآن |
متنوعات صرفت وتظاهرت |
|
في كل وجه فهي ذو أفنان |
معلومة للعقل أو مشهودة |
|
للحس أو في فطرة الرحمن |
أسمعتم لدليلكم في بعضها |
|
خبرا أو أحسستم له ببيان |
أيكون أصل لدين ما تم الهدى |
|
إلا به وبه قوى الإيمان |
وسواه ليس بموجب من لم يحط |
|
علما به لم ينج من كفران |
الشرح : ولندع مخالفتكم لطريق القوم جانبا ولنسألكم هل تعتقدون أن الله عزوجل قد بين لنا الأدلة الحقة على وجوده في القرآن وصرفها ونوعها لتتظاهر على اثبات هذا الطلوب الأعظم من كل وجه ، وحتى لا يبقى فيه لبس ولا خفاء أصلا ، فمنها ما هو معلوم للعقل ، ومنها ما هو مشهود للحس ، ومنها ما يرجع إلى الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها فمع كل هذه الأدلة المتكاثرة التي جاء بها القرآن هل سمعتم في بعضها خبرا عن دليلكم هذا الذي جعلتموه