تعالى وهما نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة على ما وردت به الأحاديث الصحيحة المتواترة في المعنى ، والثاني تنزيله القرآن من عنده كما نطقت به الآيات في مثل قوله تعالى : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل : ١٠٢] وقوله في أول سورة [غافر : ١ ، ٢](حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) وقوله : (حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [فصلت : ١ ، ٢] وفي أول سورة [الزمر : ١](تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الخ. وهذا التنزيل يقتضي علو من أنزله وكونه فوق عرشه مباينا لخلقه ، فإن التنزيل مصدر نزل بمعنى القي الشيء من أعلى الى أسفل فيكون الملقى عاليا على من أنزله إليهم والا لم يصح تسميته تنزيلا إذا كان المتكلم به ليس فوق عباده ولا مباينا لهم بل يسمى بغير ذلك مما لا يقتضي العلو كالتبليغ والتوصيل.
وأما نزوله تبارك وتعالى فقد ورد من طرق متعددة فيها اختلاف في بعض الالفاظ ففي بعضها انه ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر ، وفي بعضها أنه ينزل حين يتعار من الليل شطره الأول ولكنها كلها متفقة على اثبات النزول وأنه الى السماء الدنيا ويقول سبحانه اذا نزل لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ، من ذا الذي يدعوني فأستجب له ويظل هكذا سبحانه الى أن يطلع الفجر الثاني الذي يعرف بالصادق.
ولا شك ان معنى النزول معروف لا يمكن جحده ولا المماراة فيه وتأويل ذلك بنزول الملك او بقرب الرحمة كما يقوله المعطلة اخراج للكلام عن معناه المتبادر منه بلا قرينة ، فإن ادعوا ان النزول الحسي مستحيل لأنه يقتضي هبوطا وانتقالا من مكان إلى آخر وتفريغ محل وشغل آخر وان تكون السماء ظرفا للرب تبارك وتعالى قلنا لهم نحن نثبت النزول على ما اراده الله عزوجل بلا خوض في كيفيته فلا يقتضي نزوله عندنا شيئا من هذه اللوازم الفاسدة التي يقتضيها نزول المخلوق وأما هم فلا يثبتون له نزولا ولا علوا ، بل ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله بدعوى ان ذلك من لوازم الجسم ، وأنه يقتضي المشابهة ،